مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أحكام إعدام عراقية مثيرة للجدل.. وأمير الحرب الذي يُريد حكم السودان

متهمون جالسون على الأرض في انتظار عرضهم على القاضي في العراق
صورة التقطت يوم 23 مايو 2018 لأشخاص يُشتبه في انتمائهم لتنظيم "الدولة الإسلامية" وهم ينتظرون دورهم للمثول أمام القضاة في محكمة مكافحة الإرهاب في العاصمة العراقية بغداد. Copyright 2019 The Associated Press. All Rights Reserved.

تناقلت الصحف السويسرية الصادرة يوم الجمعة آخر الأخبار المتعلقة باستهداف ناقلتي نفط في بحر عُمان يوم الخميس 13 يونيو الجاري، لكن اهتماماتها خلال الأسبوع المنقضي تراوحت بين سير المفاوضات بين الثوار والعسكريين في السودان وبين مصير الجهاديين الفرنسيين المحكوم عليهم بالاعدام من طرف محكمة عراقية ومتفرقات أخرى من بعض بلدان المنطقة.  

محاكمات عراقية مثيرة للجدل 

في عددها الصادر يوم 11 يونيو الجاري، سلطت صحيفة “لاليبرتي”رابط خارجي الضوء على أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة مكافحة الإرهاب في بغداد منذ 26 مايو الماضي على جميع الجهاديين الفرنسيين الذين تم ترحيلهم في الفترة الأخيرة من سوريا إلى العراق. وأشارت الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في فريبورغ إلى أن “هذه الوضعية أدينت من طرف عائلاتهم ومحاميهم”، كما أنها “تضع السلطات الفرنسية تحت الضغط”.

في حوار طويل أجراه باسكال بايريسفيل مع جيل كيبيل، الخبير الفرنسي المختص بشؤون الحركات الإسلامية ومدير كرسي الأستاذية للشرق الأوسط والبحر المتوسط ومدير برنامج الدكتوراه المتخصص في العالم الإسلامي بمعهد الدراسات السياسية بباريس، قال كيبيل “يُمكننا أن نأسف للطابع المتسرع للعدالة العراقية لكن لا يُمكن منع العراق – طالما يُعترف بنظامه القضائي – من ممارسة العدالة فوق أراضيه”.

وفي رده على سؤال يتعلق باعتراضات المدافعين عن الجهاديين الذين يُشددون على ظروف السجون اللاإنسانية في العراق وعلى عدم توفر إمكانية الإطلاع على ملفات القضايا وعلى قِصَر الحيز الزمني المخصص لمرافعات المحامين، قال جيل كيبيل: “نعم، لكن هذا الخطاب لا يلقى اليوم آذانا صاغية لدى الرأي العام الغربي. أما السبب فيكمُن في الصدمة العميقة جدا التي تعرضت لها فرنسا ما بين عامي 2015 و2017 حيث سقط المئات من القتلى في هجمات وهُدد المئات من الأشخاص (أنا من بينهم) بالقتل. اليوم، عندما تتم الدعوة إلى “معاملة إنسانية” لجهاديين.. يُقطّب كثيرون حواجبهم. خصوا وأن الأشخاص المعنيين لم يترددوا في تقتيل مُواطنيهم. لقد قرروا أنهم لم يعودوا فرنسيين ولكنهم أصبحوا جزءا من الدولة الإسلامية”.

في معرض حديثه عن المبررات الأخرى لرفض ترحيل جهاديين من سوريا والعراق إلى فرنسا، قال جيل كيبيل: “هناك أسباب عملية، ذلك أن التحاق المئات من المساجين الجدد بالمنظومة السجنية الفرنسية أمر غير مُتصور. فالنظام السجني الفرنسي وصل حد الإشباع، خصوصا وأن المئات من الجهاديين موجودون بعدُ وراء القضبان”.

هل سيتم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في العراق؟ يُجيب الخبير السياسي الذي يُدرّس أيضا في الجامعة السويسرية الناطقة بالإيطالية أن “المشكلة الحالية ليست قضائية بحتة. فالمسألة سياسية أيضا حيث أنها على تماس بالعلاقات الدولية. هناك تسويات قائمة بين باريس وبغداد. يبدو أن هناك طلبا – يجري التفاوض بشأنه حسبما يبدو – يقضي بأن تقوم البلدان التي يُحاكم مُواطنوها بدفع مليوني دولار إلى العراق عن كل محاكمة. بكلمة أخرى، فإن هذه المحاكمات تمثل “تجارة” يُمكن أن تتحول إلى عملية مُربحة إلى حد ما. من المحتمل أن لا يتم التنفيذ على الفرنسيين المحكوم عليهم بالاعدام وأن يتم تحويل عقوبتهم إلى سجن مؤبد. في مقابل ذلك، فإن إعادتهم إلى بلادهم من أجل قضاء عقوبتهم في فرنسا أمر مُستبعد”.

في السياق، استبعد كيبيل الفكرة التي طرحها البعض والداعية إلى إنشاء محكمة دولية برعاية الأمم المتحدة لمحاكمة الجهاديين وقال: “إن فكرة إنشاء محكمة من هذا القبيل ستطرح السؤال المتعلق بمعرفة مدى هذه الجرائم وتعريف الإرهاب..”، وأضاف “سيكون من العسير جدا التوصل إلى إجماع حول تعريف محكمة من هذا القبيل. كما سيتعيّن أن يمنح مجلس الأمن الدولي موافقته، لكن الصين وروسيا سيستخدمان حق النقض”.

“أخيرا، هناك حل آخر قد يتمثل في رؤية الاتحاد الأوروبي وهو يقوم بإنشاء محكمة من هذا القبيل، لكن هذا الأمر غير وارد في النصوص (المنظمة لعمل الاتحاد – التحرير)، كما أن تبلور إجماع سياسي في هذا الاتجاه يبدو مُستبعدا”، على حد رأي الخبير الفرنسي.     

حميدتي.. أمير الحرب الذي يريد حكم السودان

في الوقت الذي ركزت فيه العديد من وسائل الإعلام الضوء على الصراع الدائر بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي في السودان، لفتت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ رابط خارجيفي عددها الصادر يوم 10 يونيو الجاري إلى الرجل الثاني في هرم السلطة في الخرطوم ومساعيه الحثيثة لسرقة الثورة والتودد من المحتجين، بهدف الانقضاض عليهم أو انتهاج سياسة الجزرة والعصا.

مراسل الصحيفة، فابيان أوريش، قال إن محمد حمدان حميدتي معروف بأنه رجل بلا ضمير ولا هوادة ولعب دوراً  جوهرياً في نزاع دارفور وكان الذراع اليمني للرئيس المخلوع عمر البشير. لكنه لم يتوان في شهر أبريل الماضي عن إسقاط قائده البشير ويُريد الآن السير على خطاه، مما يهدد بجر البلاد إلى عهد آخر من الإرهاب.

أوريش لفت إلى تصريحات حميدتي في نهاية أبريل الماضي، حيث قال صبرنا محدود، وقد كان، حيث سقط حتى الأسبوع الماضي أكثر من 100 قتيل في صفوف المتظاهرين، جراء لعملية الإخلاء الدموية (للمعتصمين أمام مقر القيادة العامة للجيش) التي قامت بها قوات الدعم السريع سيئة السمعة.

بعض المراقبين يرون في زعيم ميليشيا الجنجاويد، البالغ من العمر 44 عامًا، الرجل القوي الجديد في السودان. أما بالنسبة لأولئك الذين يأملون في حصول تحول ديموقراطي، فهناك مخاوف من استيلاء حميدتي على السلطة، والسير على خطى الديكتاتور عمر البشير.

الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ أشارت إلى قصة صعود حميدتي إلى هرم السلطة، عندما اندلعت الحرب في عام 2003 في دارفور، حيث انضم حميدتي، الذي فر مع عائلته العربية من تشاد إلى السودان عندما كان طفلاً  إلى الجنجاويد، وهي ميليشيا مؤلفة من مقاتلين مدعومين من حكومة الخرطوم لمحاربة المتمردين. هذه الميليشيا لم تميّز بين المسلحين والمدنيين. وسرعان ما عُرف عنها شن هجمات دموية على القرى وارتكاب انتهاكات جسيمة.

حميدتي يصفه المراقبون بالذكي والطموح للغاية على الرغم من تعليمه البسيط وهو انتهازي مهوُوس بالسلطة، لذا لم يكن من المفارقة، أن يتخلى عن البشير، عندما شعر بأن رياح التغيير تهب وأنها ستقتلع معها رؤوس النظام. بعد ذلك بفترة وجيزة، أعرب حميدتي، الذي عرفه الكثير من السودانيين فقط كقائد حرب، عن تعاطفه مع المتظاهرين وتأييده لإجراء الانتخابات وبناء نظام ديمقراطي. لكن رهان حميدتي قد يكون خاسراً، فوصوله إلى النخبة السياسية في السودان غير مؤكد، إذ يظل الرجل كقائد للميليشيات “كيانًا غريبا لا يمكن التنبؤ بخطواته بالنسبة للنخبة السياسية” في الخرطوم.  

في المقابل، يملك حميدتي العديد من المقومات التي يمكن أن تسمح له بالاستيلاء على السلطة. فالآلاف من مقاتلي قوات الدعم السريع موالون له، ولديه نفوذ عسكري وصلاته بالخارج جيدة، ولا سيما بالرياض، حيث أرسل العديد من مقاتلي قوات الدعم السريع إلى اليمن لدعم السعودية. وأخيراً وليس آخراً، تفيد مصادر بأنه جمع موارد مالية كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك من خلال السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.

قبل سنوات، كتب أليكس دي، الخبير البريطاني في علم الأعراق والمطلع على الشؤون الإفريقية أن السياسة السودانية هي عبارة عن “صفقة مجموعة رجال يمتلكون المال والسلاح”. وإذا لم تغيّر الثورات الشعبية هذه المعادلة على الأرض، فإن فرص نجاح حميدتي “لا تبدو سيئة”.      

سياحة رخيصة في الأراضي المحتلة

من يبحث عن سكن رخيص خلال إقامته في إسرائيل، فقد ينتهي به الحال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث توفر مستوطنة كفر أدوميم أماكن إقامة أرخص من مدينة القدس، التي تبعد عنه بحوالي 20 دقيقة بالسيارة. كما أفادت ألكسندرا فودرل شميد، مراسلة صحيفة تاغس انتسايغررابط خارجي.

القصة بدأت مع إعلان موقع (Airbnb) بمنع طرح إعلانات لاستئجار غرف أو منازل في المستوطنات اليهودية على موقعها، لكنها اُضطرت إلى تغيير موقفها جراء حملة الانتقادات الإسرائيلية والدعوات لمقاطعة الموقع والتهديدات برفع دعوى قضائية أمام المحاكم الأمريكية. بالإضافة إلى إدراج موقع (Aرابط خارجيirbnb) على القائمة السوداء في ولاية فلوريدا على الأقل.

في عددها الصادر يوم 13 يونيو الجاري، ذكّرت المراسلة السويسرية أنه تم بناء مستوطنة كفر أدوميم في عام 1979 من قبل المستوطنين اليهود. وفي غضون عشر سنوات تضاعف عدد السكان فيها. وتقع كفر أدوميم بين واحدة من أكبر المستوطنات الإسرائيلية وهي معاليه أدوميم وقرية خان الأحمر البدوية، التي سيتم إخلاؤها من سكانها الأصليين.

المراسلة سألت أحد السكان اليهود عن سبب انتقاله إلى المستوطنة قبل عامين، فأجاب: لأنها أرض يهودية والمنطقة جميلة – وأرخص من العيش في القدس. ولفتت شميد إلى أن المستوطن استخدم الاسم اليهودي يهودا والسامرة، ولم يتحدث عن الضفة الغربية، وهو الاسم المعروف دوليا لتلك المنطقة التي يُفترض أن تصبح نواة لدولة فلسطينية.

مراسلة الصحيفة السويسرية أكدت أن المستأجرين القادمين من الخارج، لا يدركون في الأغلب أن سكنهم يقع في منطقة محتلة، لأن المستوطنة توجد في منطقة بين الضفة والقدس. وانتقد بعض العملاء في تقييماتهم عدم وجود إشارة إلى أن العقار يقع في واحدة من أكثر المستوطنات اليهودية المتنازع عليها في الضفة الغربية.

بدورهها  تؤكد شركة (Airbnb) أنها ستتبرع بأرباحها من هذه الإيجارات لمنظمات الإغاثة الإنسانية. وقالت في بيان “نحن نتفهم حجم إشكالية القضية التي أثيرت في إعلاننا السياسي السابق، وسنستمر في السماح بطرح إعلانات عقارية لجميع أنحاء الضفة الغربية، لكن Airbnb لن تحقق أي ربح من هذا النشاط في المنطقة”. أما بالنسبة لأحد المؤجّرين، الذي تحدثت معه المراسلة، فرفض التعليق على مثل هذه الأسئلة السياسية بالقول: “أريد فقط أن أعيش حياة هادئة مع عائلتي. ينبغي أن تساهم عائدات الإيجار في هذا الأمر”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية