مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“قطر غير معزولة”.. “معركة إدلب تهديدٌ لتركيا”.. “اليمن تَحوّل إلى مقبرة”

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
هذا الأسبوع، تناولت الصحف السويسرية بالتحليل التداعيات المرتقبة لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا). swissinfo.ch

اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بالأوضاع في سوريا وبالتداعيات المُرتقبة للهجوم المحتمل لقوات النظام السوري على محافظة إدلب، وبالأوضاع الإقتصادية والسياسية في قطر بعد مرور عام ونيف على الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات ومصر والبحرين، كما تطرقت بالتحليل إلى النتائج الماساوية للحرب الدائرة رحاها منذ أكثر من ثلاثة أعوام في اليمن واحتمالات وضع حد لها.   

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، تصدر بالألمانية في زيورخ، 11 سبتمبر 2018

“قطر غير معزولة على الإطلاق”

اهتمت الصّحيفة بالحديث عن مستجدّات الأحوال الإقتصاديّة والسّياسّية في قطر، وذلك بعد مرور أكثر من عام على الحصار الذي فرضته عليها الإمارات العربيّة المتّحدة والمملكة العربيّة السّعوديّة ومصر والبحرين وجزر المالديف.

يستهلّ أولريش شميد كاتب المقالةرابط خارجي بالتّأكيد على أنّ قطر أحسن حالاً اليوم ممّا كانت عليه قبل الحصار، حيث ازدادت صادرات البلاد بحوالي 19% والتّبادل التّجاريّ الخارجيّ بـ 16% ولوحظ ارتفاع كبير في قيمة الأسهم القطريّة منذ أشهر. “قطر بخير والحصار الإقتصاديّ لم يصل إلى أهدافه”، بحسب تعبير شميد الذي يستشهد بقول الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني وزير الإقتصاد القطريّ أنّ “هذا الحصار جاء رحمة لبلاده”.

صحيح أنّ هذه المقاطعة أدّت إلى خسارة قطر لسوق يقدر حجمه بـ 110 ملايين شخص، ولكنها سمحت أيضاً بكسب أخرى تقدّر طاقتها بـ 400 مليون شخص، كما ينقل شميد عن الشيخ أحمد بن جاسم. فقد عزّزت قطر بعد الحصار علاقاتها التّجاريّة والسّياسيّة مع كلّ من تركيا وأذربيجان والهند وباكستان وكازاخستان وأوزباكستان وإيران، ما عوّض ما تمّ خسارته بسبب الحصار، كما يعتقد الوزير القطري. فعلى سبيل المثال، تُجري الدّوحة محادثات مع تركيا لعقد صفقات تقدّر بـ 20 مليار دولار في إطار التّجهيزات لفعاليّات دورة كأس العالم لعام 2022 التي ستحتضنها قطر. كما ارتفعت واردات قطر من الهند بنسبة 50% منذ بداية الحصار، وكذلك تمّ تنشيط التّجارة مع إيران التي تعاني نفسها من العقوبات وإن كانت “أسوأ بكثير من تلك التي تعاني منها قطر اليوم”، بحسب الصحيفة.

يرى الصّحفي السويسري الخبير في شؤون الشّرق الأوسط أنّه على الرغم من أنّ قطر معزولة منذ 5 يونيو 2017 بشكل كامل عن جيرانها، إلّا أنّها مُنفتحة على بقية العالم وتحاول تحسين علاقاتها مع الكثير من الدول، كما فعل أحمد بن جاسم في معرض هانوفر في ألمانيا من خلال الترويج لاستثمارات في بلاده والبحث عن المزيد من المستثمرين الألمان. وحتى فيما يختصّ بالعلاقات مع الولايات المتحدة – التي يُشتبه في أن رئيسها دونالد ترامب شريك في بلورة فكرة الحصار – فبالإمكان مُعاينة بعض بوادر الأمل. لذلك يستخلص شميد أن “قطر غير معزولة على الإطلاق”.

بالإضافة إلى كل تلك الأسباب – وقبل كلّ شيء – تعود قدرة قطر على الصّمود، بل على تحسين الوضع رغم الحصار إلى كونها أكبر مُصدّر للغاز الطّبيعي في العالم، بل إن مصر – إحدى الدول المقاطعة لها – تعتمد في وارداتها من الغاز الطبيعي بنسبة الثّلثين على الدوحة، حيث تستورد منها حوالي 4,4 مليار متر مكعّب سنويّاً، لا زالت قطر تصدّرها لها، كما أنّ الأخيرة لم تطرد العاملين المصريّين الذين تقدر أعدادهم فوق أراضيها بـحوالي 300,000 شخص.

شميد تطرق أيضا لعدم رغبة الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السّعودية في التّراجع عن هذا الحصار رغم فشله في تحقيق أهدافه المنشودة، بل على العكس يتمّ الحديث والتّخطيط لإقامة قناة على حدود قطر بطول 60 كلم وعرض 200 متر وعمق 20 متر ممّا يؤهلها لتكون ممرّاً تجاريّاً ويجعلها صالحة للمقارنة مع قناة السويس، وهو ما سيؤدي إلى تحويل قطر إلى جزيرة عوضاً عن شبه جزيرة. ومع أنّه ليس هناك اتفاق بالإجماع على المشروع، تخطّط الرّياض لتسليم مشروع “قناة سلوى” للخبرات المصريّة على اعتبار أن للمصريّين تجربة في هذا المجال، بحكم أنهم قاموا بشق قناة السّويس، إلّا أنّ أولريش شميد يختتم مقالته بالتشديد على الفرق الحاسم بين القناتين مذكّرا بأن “قناة السّويس لا تفصل، بل تجمع”.

صحيفة “لوتون”، تصدر بالفرنسية في لوزان، 13 سبتمبر 2018

“معركة إدلب.. تهديدٌ أمني واستراتيجي لتركيا”

في مراسلة بعثت بها من إستانبولرابط خارجي، تناولت آن أندلاور بالتحليل الأسباب الكامنة وراء الجهود الحثيثة التي تبذلها تركيا هذه الأيام لتجنب شن هجوم من طرف نظام دمشق على محافظة إدلب آخر معقل للمعارضة السورية في شمال غرب البلاد.

بداية، تتسم مخاوف أنقرة بطابع “استراتيجي” لأن أي هجوم – ومهما كان حجمه – تشنه قوات بشار الأسد بمساعدة عسكرية من طرف روسيا وإيران سيستهدف متمردين مدعومين من طرف أنقرة متجمّعين ضمن “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا”، ويخوضون في إدلب منافسة مع “هيئة تحرير الشام” (هتش)، وهي مجموعة جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة.

مراسلة الصحيفة السويسرية أفادت أن “الجهود التي بذلتها تركيا لتفكيك هذه المجموعة المصنفة إرهابية باءت بالفشل وأن أنقرة تحاول الآن إقناع موسكو، الحليف الرئيسي لدمشق، بإدماج “المتمردين المعتدلين” ضمن “عملية دولية لمكافحة الإرهاب” تستهدف “هيئة تحرير الشام” حصرا.

ومع أن المقترح يبدو غير واقعي حسب رأي المراسلة، إلا أنه ليس لدى تركيا من حل سوى “الكشف عن جميع أوراقها للحيلولة دون تشتت بل سحق الأطراف السورية التي تحظى بحمايتها في سياق الهجوم القادم”. ذلك أن الأمر يتعلق بـ “مصداقيتها تجاه هؤلاء المتمردين الذين يُستخدمون منذ عامين كرديف للجيش التركي ضد تنظيم داعش والقوات الكردية في شمال البلاد”.

هناك أيضا مستقبل “مسار أستانا” الذي تم إطلاقه العام الماضي من طرف تركيا وروسيا وإيران لمحاولة العثور على حل سياسي للحرب في سوريا. فقد سمح هذا المسار بإنشاء أربع مناطق لخفض التوتر من بينها إدلب حيث لعبت فيها تركيا حتى الآن دور الضامن من خلال إقامة اثني عشر موقعا عسكريا للمراقبة. لذلك، فإن هجوما يشنه بشار الأسد على إدلب سيُجبر تركيا على سحب جنودها من مراكز المراقبة المقامة داخل أراضي المحافظة، وسيُهدد مستقبل “المحميّة” التي نجحت أنقرة في إقامتها داخل سوريا منذ صيف 2016 (تشمل مناطق عفرين وأعزاز وجرابلس والباب وهي مرشّحة للتوسع باتجاه منبج) والمُصمّمة للحيلولة دون تشكّل منطقة كردية تتمتع بحكم ذاتي.

أخيرا أشارت آن أندلاور إلى أن حرص تركيا على الإحتفاظ بمناطق نفوذها في الشمال السوري ينبع من “أملها في إعادة جزء كبير من الثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ سوري المتواجدين فوق أراضيها إليها، لكن هجوما على إدلب وعلى الملايين الثلاثة من المقيمين فيها سيؤدي إلى حصول النتيجة المعاكسة تماما لأنه سيدفع باتجاه الحدود التركية أفواجا هائلة من اللاجئين تقدرها الأمم المتحدة بحوالي 800 ألف شخص”.    

صحيفة لا ليبرتي، تصدر بالفرنسية في فريبورغ، 13 سبتمبر 2018

 “البلد الذي تحول إلى مقبرة شاسعة”

في مقالرابط خارجي بقلم لوك ماتيو وهالة قدماني، حاولت الصحيفة الإجابة عن خمسة أسئلة مهمة لمساعدة قرائها على فهم ما يحدث في هذا البلد العربي الذي تحول إلى “مقبرة شاسعة”. في البداية، أشارت إلى أن النزاع أسفر منذ تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عن “مقتل حوالي 17 ألف مدني وتشريد مليوني ونصف شخص وتعريض ثمانية ملايين وأربع مائة ألف شخص للمجاعة والأمراض، طبقا لحصيلة نُشرت يوم 28 أغسطس الماضي من طرف فريق من الخبراء تم تشكيله من طرف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

الصحيفة أوضحت بأن المواجهة تدور بين معسكرين يضم الأول (عاصمته المؤقتة عدن) قوات الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي المدعومة من طرف تحالف بلدان عربية تقودها السعودية والإمارات، فيما يتشكل الثاني – الذي يُسيطر على العاصمة صنعاء وعلى جزء كبير من شمال البلاد إضافة إلى ميناء الحديدة الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر- من متمردين من تنظيم “أنصار الله” وهم من أتباع المذهب الزيدي ويُلقبون عادة بالحوثيين نسبة إلى زعيمهم عبد المالك الحوثي (38 عاما) كما يحظون بدعم غير مباشر من طرف إيران.

وبعد أن ذكّرت “لا ليبرتي” بالمسار إلى أدى إلى الوضع الحالي منذ اندلاع الربيع العربي، نقلت على لسان فرانك مرمييه، عالم الأنثروبولوجيا والباحث في المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا أن “الأسباب الأولى (للنزاع) تعود إلى رفض الرئيس علي عبد الله صالح الإنسحاب من السلطة”، ثم لفت إلى أن “الإستقطاب القائم داخل المجتمع وفي صفوف السكان حول قوى سياسية يتم على أساس ميولات جهوية”، مشيرا إلى أن “إيران أقل تورطا بكثير (في النزاع) مما يلمح إليه السعوديون. فحتى المساعدة العسكرية التي تُتهم طهران بتقديمها للحوثيين مُضخمة ولا تكفي لقلب المعادلة. فمن خلال استيلائهم على مخازن مهمة لجيش صالح، لديهم ما يكفي (من العتاد)، لكن مصلحة إيران الأكيدة تتمثل في رؤية العربية السعودية وهي تواصل التخبط في اليمن”.

ولكن هل يُمكن الخروج من الورطة؟ يُلخص فرانك ميرمييه الموقف قائلا: “جميع أطراف النزاع ضعيفة. ولا توجد فرصة لأن تنتصر أي منها. فبالإضافة إلى عدم كفاءتهم العسكرية، لم يفعل السعوديون أي شيء لتثبيت السلطة الشرعية في الجنوب أو لتعزيز هياكل الدولة: فلا جيش ولا حكومة ولا خدمات. بل إن الرئيس هادي يقضي معظم وقته في الرياض”.. لكنه الخبير الفرنسي في الشأن اليمني يستدرك مُشددا على أن “الوقت ملائم للتفاوض لأن جميع الأطراف تبحث عن منفذ للخروج”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية