مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشؤون العربية في الصحافة السويسرية

الصفحات الأولى لعدد من الصحف اليومية السويسرية بالألمانية والفرنسية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بآخر المستجدات في القدس وتطورات الأزمة الخليجية . swissinfo.ch

مرة أخرى، كانت الموصل العراقية.. والرقة السورية.. والدوحة القطرية.. ضمن أبرز المحطات العربية التي توقفت عندها هذا الأسبوع العديد من الصحف اليومية السويسرية.

تحت عنوان “فضيحة الجبهة المُعادية لقطر”، كتب سيلفان بيسون افتتاحية صحيفة “لوتون” (الزمان) الصادرة يوم 6 يوليو الجاري بالفرنسية في لوزان رأى فيها أن “المطالب الثلاثة عشر” التي قُدمت إلى قطر من طرف السعودية والإمارات “جديرة بأبشع فترات دبلوماسية القرن العشرين”، واعتبرها “ابتزازا عاريا، ينتهك بشكل فظيع حرية أمة في ظل التهديد بحصار أقرب ما يكون إلى العمل الحربي”.

كاتب الإفتتاحية لاحظ أن الطريقة التي اعتمدتها الدول الخليجية الثلاث ومصر تُذكّر بـ “تهديد الإمبراطورية النمساوية – المجرية لصربيا في عام 1914، وبمحاولة اليابان تمزيق الصين من خلال مطالبها الإحدى والعشرين في عام 1915، وبتوجيه ألمانيا إنذارا أخيرا إلى بولندا قبل شنّ الحرب العالمية الثانية”، إلا أن اللجوء إلى “استخدام نفس الطريقة اليوم من طرف حُلفاء للغرب كان يُعتقد أنهم حريصون على الإستقرار الإقليمي يُعزّز الشعور بالإرتداد باتجاه عالم تُسيطر عليه مُجددا استعراضاتٌ للقوة الغاشمة”، كما تقول الصحيفة.

كاتب الإفتتاحية شدد على أنه “لا مجال لأن يتسم المرء بالسذاجة، ذلك أن قطر – من خلال سياساتها الإستفزازية – ليست بريئة في عملية ليّ الذراع التي تدور اليوم. فالإخوان المسلمون الذين وفّرت لهم الحماية منذ عشرات السنين طرف فاعل مُثير للإشكال، وأحد العوامل (التي تقف وراء) الراديكالية الدينية التي تعصف بالمنطقة”، إلا أنه استدرك قائلا: “لكن العربية السعودية ليست في وضع يسمح لها بتقديم الدروس في هذا المجال”، بل “إن الإمارة الصغيرة توفّر – مقارنة بهذا الجار الكبير – فضاء حرية نسبي في بيئة سلطوية”، على حد قوله.

أخيرا، انتقد سيلفان بيسّون غياب أي “رد فعل قوي من طرف الغربيين”، واعتبر أن “هذا الضعف الأخلاقي لا يُمكن إلا أن يُشجّع على (حدوث) ابتزازات جديدة، أشدّ خطورة”.

نحو وصاية سعودية “شبه كاملة”؟

في نفس السياق، أجرت صحيفة “لاليبرتي” (الحرية) الصادرة يوم 6 يوليو في فريبورغ بالفرنسية حوارا مع عالم الإجتماع والخبير السياسي اللبناني رودولف الكاره حول أبعاد الأزمة الخليجية اعتبر فيه أن العربية السعودية وحلفاءها (البحرين والإمارات ومصر) يريدون الحيلولة دون توفّر قطر على سياسة خارجية مستقلة تُنافسهم”، ذلك أن تمتع قطر بقدر أكبر من الإستقلالية يُقرّبها من إيران وروسيا، وهذا يُغيّر تماما توازن القوى” في المنطقة.

أما هدف السعودية من هذا التحرك فهو يتمثل حسب الخبير اللبناني في “ممارسة وصاية شبه كاملة على مجمل المنطقة الخليجية، تحت السيطرة الأمريكية” وأضاف أن “هذا الإنحياز يندرج في إطار استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تُجاه طهران”..

رودولف الكاره أضاف في تصريحاته إلى الصحيفة أن “المناورة (التي تقوم بها) الولايات المتحدة تتمثل في إضعاف البعض عندما يكونون أقوياء أكثر من اللزوم، وتقوية الآخرين عندما يكونون في وضعية ضعف نسبي. فالفريق الحاكم في واشنطن يعتقد أن دولا ضعيفة، لكنها تمتلك إمكانات هائلة وتخضع في الوقت نفسه للسيطرة الأمريكية، يُمكن أن تخدم أهداف (واشنطن) الإستراتيجية”. 

معركة الموصل لم تنته..  

في مراسلة بعث بها لوك ماتيو من الموصل، تطرقت صحيفة “لا ليبرتي” الصادرة يوم 4 يوليو بالفرنسية في فريبورغ إلى مأساة المدنيين الذين “يُطلّون برؤوسهم من وسط الأطلال والغبار إثر كل تقدم للقوات الحكومية العراقية، وقد اشتد بهم التعب والإرهاق، حاملين لأغراضهم التي لا تزيد عن بضعة أكياس… أغلبهم نحيل، بل يُعانون من الجوع.. هناك نساء وهناك أطفال ومُسنّون ورجال. تبدو نظراتهم زائغة وكأنهم لم يعودوا يعرفون أين يُوجدون”.

في تغطيته، أشار الصحفي الفرنسي أيضا إلى أن “معركة الموصل لم تنته بعد، لكن الجنود مُتعبون. فهم يمشون ببطء ويجلسون القرفصاء كلما أمكن لهم ذلك في ظل جدار مُتهاو أو إحدى المُدرعات. لقد تمت إبادة “الخلافة العراقية” بشكل شبه نهائي، لكن تتالي المعارك استنفد قواهم”.

“كنا متجهين لفقدان إنسانيتنا”

أوضاع المدنيين في مدينة الرقة السورية كانت بدورها محور مراسلة أخرى بعث بها بشير الخوري من بيروت ونشرتها يوم 5 يوليو صحيفة “24 ساعة” التي تصدر بالفرنسية في لوزان وتضمنت شهادات مروعة من مواطنين سوريين تمكنوا من الفرار من جحيم الحرب ووصلوا إلى مدينة حلب.

يقول أحمد، وهو مقاتل سابق في الجيش السوري الحر أصيل مدينة الرقة الذي التحقت به عائلته قبل عشرين يوما إلى حلب: “تتعرض المنطقة للهجوم من كل الجهات، ولم يعد بالإمكان التمييز بين المقاتلين والمدنيين. إذ يكفي أن تُحدد طائرة تواجد قناص في أحد المباني حتى تقوم بنسف المبنى دون أي اعتبار للأرواح البشرية”، ثم يُضيف: “قذائف الهاون وعمليات القصف الجوي تستهدف الأحياء السكنية بشكل متزايد في حين يختبئ مقاتلو داعش في أنفاق”.

من ناحيته، يقول عبد العزيز الذي لجأ إلى مدينة طبقة في محافظة الرقة: “يتواجد القناصة من الطرفين في كل زاوية شارع وهو ما يجعل من كل محاولة فرار مُغامرة محفوفة بالمخاطر بشكل رهيب”. وبالمناسبة، أشار التقرير إلى أن حوالي 50 ألف شخص يُقيمون حاليا في الجزء الخاضع لسيطرة داعش في المدينة، مقابل 100 ألف قبل بدء الهجوم الأخير، وأكثر من نصف مليون نسمة قبل اندلاع النزاع في سوريا في ربيع 2011.

شهود آخرون تحدثوا عن الأوضاع في ظل سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة، حيث يقول خالد الذي لا زال يُقيم في الرقة: “لقد عشنا الجحيم تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية.. لقد كان حوالي 80% من سكان المدينة موظفين لكنهم لم يكونوا يتلقون رواتبهم.. البعض منهم امتهنوا بعض الأعمال البسيطة لكن الأغلبية الساحقة وجدت نفسها عاطلة عن العمل”. أما فرات، وهو لاجئ يقيم حاليا على الحدود التركية، فقد تطرق إلى ما تعرضت له الحريات العامة من إلغاء شبه تام في الرقة، حيث تم إجبار العديد من المدارس والجامعات إلى إغلاق أبوابها، أما المؤسسات القليلة التي لا زالت مفتوحة فكانت تقدم تعليما دينيا مُملى من طرف الجهاديين، ويُضيف قائلا: “لم يعد هناك أي احترام للكرامة البشرية. لقد كنا مُتّجهين نحو فقدان إنسانيتنا”.

أخيرا، أورد المراسل على لسان عبد العزيز من مدينة تل ابيض شمالي الرقة، التي تسيطر عليها القوات الكردية أن “منازل بأكملها تم تدميرها، كما أن الإيقافات العشوائية أصبحت أمرا معتادا”، وأضاف أن “المُقاتلين التابعين لقوات سوريا الديمقراطية يتصرفون بعنصرية تُجاه السكان العرب المقيمين”، كما أشار إلى حصول إعدامات بدون محاكمة. ولا يُخفي هذا المواطن الذي كان ضمن أوائل المنضمين إلى الثورة السورية خيبة أمله العميقة ويقول: “عندما تمردنا على نظام الأسد، كان ذلك من أجل الحصول على حريات سياسية كنا محرومين منها منذ أربعين عاما. اليوم، نجد انفسنا مع اشخاص يتصرفون بنفس الكيفية التي يتصرف بها الأصوليون”، لذلك يخشى العديد من السكان بالفعل “تحريرا مزيفا”، على حد قوله.

قيادات من الجيش الحر في جنيف 

في عددها الصادر يوم الإثنين 3 يوليو، تطرقت صحيفة “لا تريبون دو جنيف” التي تصدر بالفرنسية في جنيف إلى حدث يهم سوريا شهدته المدينة لكن لم يتم الإعلان عنه لأسباب أمنية. فقد تحول في نهاية الأسبوع الماضي أربعة من القادة العسكريين لفرق تابعة للجيش السوري الحر إلى المدينة الواقعة على ضفاف بحيرة ليمان للتوقيع على وثيقة أعدتها منظمة “نداء جنيف” غير الحكومية.

الوثيقة عبارة عن صك اتفاق تتعهد بموجبه التشكيلات العسكرية التابعة لهم بعدم الإقدام على تجنيد الأطفال وعلى منع الإعتداءات الجنسية. وقد سبق للمنظمة غير الحكومية التي تتخذ من جنيف مقرا لها أن تمكنت من انتزاع صك التزام مماثل في 5 يوليو 2014 من طرف “وحدات حماية الشعب” المعروفة بـ (YPG) ووحدات حماية المرأة المعروفة بـ (YPJ)، بالإضافة الى الإدارة الذاتية الديمقراطية في المناطق التي تقطنها أغلبية كردية في سوريا، تعهدت فيه هذه الأطراف رسميا بحظر إشراك الأطفال ما دون سن 18 سنة في الأعمال العدائية، وحمايتهم من تأثيرات النزاعات المسلحة.

الصحيفة أفادت بأن أربعة من قادة فصائل الجيش السوري الحر قاموا بوضع توقيعاتهم يوم الجمعة 30 يونيو 2017 أسفل الوثيقة التي تؤكد التزامهم بتعهداتهم في “قاعة ألاباما” الكائنة في قصر بلدية مدينة جنيف، أي في نفس المكان الذي تم التوقيع فيه يوم 22 أغسطس 1864 على معاهدة جنيف الشهيرة، التي تعتبر الوثيقة المؤسسة للجنة الدولية للصليب الأحمر.

وفيما صرح محمد بالشي، المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وكولومبيا في منظمة “نداء جنيف” أن “نقاشاتنا مستمرة مع عشر مجموعات أخرى”، قال المقدم ياسر الجاسم: “نريد أن نُظهر أننا مُقاتلون ولسنا قتلة”، فيما أكد المقدم لطفي محجوب “نريد أن نقيم الدليل على أننا شركاء أقوياء”.

​​​​​​​

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية