مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واشنطن تعتبر أن هونغ كونغ لم تعد تتمتع بالحكم الذاتي ردا على مشروع صيني للأمن القومي في المنطقة

شرطة هونغ كونغ لمكافحة الشغب أمام المجلس التشريعي في المدينة في 27 أيار/مايو 2020 afp_tickers

اعتبرت الولايات المتحدة الأربعاء أن هونغ كونغ لم تعد تتمتع بالحكم الذاتي، ما يمهّد الطريق أمام إعادة النظر بالامتيازات التجارية الممنوحة للمستعمرة البريطانية السابقة، وذلك في رد قوي على مشروع قانون الأمن القومي الجديد الذي تنوي الصين فرضه في المنطقة.

وفي مؤشر إلى عودة التوترات في المستعمرة البريطانية السابقة، سجل انتشار أمني كثيف في محيط البرلمان وتم توقيف مئات الأشخاص في محاولة لمنع النشطاء المطالبين بتعزيز الديموقراطية من التظاهر ضد التصويت على مشروع قانون آخر يجرّم الإساءة للنشيد الوطني الصيني.

لكن ما أعاد إشعال الأوضاع هو نصٌّ طُرح الأسبوع الماضي في البرلمان الصيني الذي سيناقشه الخميس.

وتسعى بكين لفرض قانون جديد للأمن القومي في هونغ كونغ لردع “الخيانة والتخريب والعصيان” بعد تظاهرات حاشدة للمطالبة بتعزيز الديموقراطية شهدتها المدينة العام الماضي تخلّلتها في كثير من الأحيان أعمال عنف.

ويرى كثر في مشروع القانون الصيني أخطر مساس حتى اليوم بالحكم الذاتي الذي تتمتع به هونغ كونغ، ومحاولة لنسف حرية التعبير وقدرة المدينة على إعداد قوانينها الخاصة.

ويخشى معارضو النص أن تدرج فقرة فيه تسمح لرجال الأمن الصينيين بإجراء تحقيقات في هونغ كونغ مع نظرائهم في المدينة. ويرى كثر في ذلك مقدمة لقمع أي معارضة فيها.

– “الصين لا تفي بالتزاماتها” –

والأربعاء أبلغ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الكونغرس الأربعاء أن هونغ كونغ لم تعد تتمتع بالحكم الذاتي تجاه بكين، ما يجرّد هذا المركز المالي من حقوقه التجارية المميزة المنصوص عليها في القانون الأميركي.

وقبل ساعات من التصويت في بكين على قانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ، أبلغ وزير الخارجية الأميركي الكونغرس بأن الصين لا تفي بالالتزامات التي تعهّدت بها قبل استعادة هذه المنطقة من بريطانيا في العام 1997.

وجاء في بيان بومبيو أن “هونغ كونغ لم تعد مؤهلة للمعاملة نفسها التي كانت القوانين الأميركية تكفلها لها قبل تموز/يوليو 1997”.

وتابع بومبيو “ما من شخص عاقل يمكنه أن يؤكد اليوم أن هونغ كونغ لا تزال تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي إزاء الصين، نظرا للوقائع على الأرض”.

وبموجب قانون أقره الكونغرس الأميركي العام الماضي لدعم الحركة المطالبة بتعزيز الديموقراطية في هونغ كونغ، يتعيّن على الإدارة الأميركية أن تؤكد استمرار الحكم الذاتي في هذه المنطقة لكي تحظى بالوضع المميز في التعامل التجاري مع الولايات المتحدة.

-مواجهات في هونغ كونغ –

في هونغ كونغ واجهت أعداد كبيرة من القوى الأمنية، نشرت صباح الأربعاء حول البرلمان المحلي في هونغ كونغ، متظاهرين مؤيدين للديموقراطية كانوا ينوون الاحتجاج على مناقشة مشروع قانون يجرّم أي مساس بالنشيد الوطني الصيني.

وذكر صحافيون من وكالة فرانس برس أن نحو مئة متظاهر كانوا يرددون هتافات في حي تجاري قرابة الظهر وتم تفريقهم بغاز الفلفل.

وتأتي المناقشات في “المجلس التشريعي” حول هذا النص الذي ترى الحركة المؤيدة للديموقراطية أنه يمس بحرية التعبير، بعد قرار الصين فرض قانون للأمن القومي على هونغ كونغ.

وأعلنت بكين ذلك الجمعة بعد أشهر من التظاهرات التي شهدت أعمال عنف في بعض الأحيان في المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي.

ودعت الحركة المؤيدة للديموقراطية إلى تعبئة واسعة الأربعاء، أي يوم مناقشة مشروع القانون الذي يهدف إلى معاقبة الذين لا يحترمون النشيد الوطني الصيني. وسيعاقب القانون مرتكبي هذه الجنحة بالسجن ثلاث سنوات.

ونصبت حواجز حول المبنى ونشرت الشرطة أعدادا كبيرة من قواتها.

وتجمع مئات المتظاهرين لفترة قصيرة خلال استراحة الغداء في حيي كوزواي وسنترال قبل تفريقهم بإطلاق كرات من غاز الفلفل باتجاههم.

وأعلنت الشرطة توقيف أكثر من 300 شخص لمشاركتهم في تجمعات “غير قانونية”. وأظهرت صور بثت مباشرةً أن العديد من الموقوفين من المراهقين.

وفي بيان، أكدت الشرطة احترامها “حق السكان بالتعبير سلمياً عن آرائهم لكن (…) ضمن إطار القانون”.

وتمنع التجمعات لأكثر من 8 أشخاص في الأماكن العامة ضمن إطار التدابير المفروضة للحد من تفشي وباء كوفيد-19.

وفي تايوان التي تحكم ذاتيا، تعهدت رئيستها تساي إنغ-ون بإطلاق “خطة عمل” إنسانية لمساعدة الناشطين المؤيدين للديموقراطية في هونغ كونغ، مع تدفق العديد منهم إلى تلك الجزيرة بحثا عن ملاذ آمن.

وقالت الرئيسة للصحافيين إنّ “تصميمنا على رعاية مواطني هونغ كونغ لم يتغير”.

وتابعت “سيضع مجلس الوزراء خطة عمل للمساعدة الإنسانية في هونغ كونغ … لتوفير التخطيط الكامل للإقامة والسكن والرعاية لسكان هونغ كونغ”

وبموجب مبدأ “بلد واحد، نظامان” تتمتع هونغ كونغ منذ إعادتها إلى الصين في 1997 وحتى 2047، ببعض الحقوق التي لا تعرفها مناطق أخرى في الصين، وخصوصا حرية التعبير ونظام قضائي مستقل.

وساهم ذلك في جعل المستعمرة البريطانية السابقة موقعا ماليا دوليا مهما يؤمن للصين مدخلا اقتصاديا إلى العالم.

وحذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بكين مهددا بحرمان هونغ كونغ من وضعها الاقتصادي الخاص.

لكن بكين تبدو مصممة أكثر من أي وقت مضى على إنهاء الاضطراب السياسي الذي يهز هونغ كونغ منذ شهور.

وفي بداية حركة الاحتجاج على مشروع قانون يسمح بتسليم المطلوبين إلى الصين وتم سحبه لاحقا العام الماضي، اقتحم متظاهرون مقر المجلس التشريعي وقاموا بتخريبه.

وتريد السلطة التنفيذية الموالية لبكين اعتماد قانون النشيد الوطني بأسرع ما يمكن. وصرح ماتيو شونغ نائب رئيسة السلطة التنفيذية كاري لام قبل بدء المناقشات، للصحافيين “بصفتنا سكان هونغ كونغ نتحمل المسؤولية الأخلاقية لاحترام النشيد الوطني”.

ويبدو أن الصين مستاءة جدا من سكان هونغ كونغ وخصوصا مشجعي كرة القدم الذين يهتفون ضد النشيد الوطني تعبيرا عن غضبهم من بكين.

وتعتبر الصين حركة الاحتجاج في هونغ كونغ مؤامرة تخريبية مدبرة من الخارج لزعزعة النظام.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية