مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حرب بيافرا صفحة مؤلمة من تاريخ نيجيريا

الكولونيل اودوميغو اوجوكو يلقي خطاب اعلان استقلال بيافرا في 30 ايار/مايو 1967 afp_tickers

في 30 ايار/مايو 1967، اعلنت منطقة اتنية الايغبو في جنوب شرق نيجيريا استقلالها. بعد أقل من ثلاثة اعوام وموت أكثر من مليون شخص خصوصا بسبب الجوع والمرض تحت حصار خانق، شطبت “جمهورية بيافرا” من الخارطة.

في 30 ايار/مايو 1967، اعلن الحاكم العسكري لشرق نيجيرا اودوميغو اوجوكو “جمهورية بيافرا المستقلة” وذلك بعد يومين على قرار رئيس الدولة ياكوبو غوون تقسيم الاتحاد اداريا الى 12 ولاية بينها ثلاث في جنوب شرق نيجيريا الغني بالنفط.

كانت بيافرا التي تشكل اقل من عشرة بالمئة من مساحة نيجيريا، تضم حينذاك 14 مليون نسمة من اصل 55 مليونا في الاتحاد. ويشكل الايغبو المسيحيون بمعظمهم، غالبية سكانها.

وكانت نيجيريا نجحت منذ استقلالها في 1960، في حماية وحدتها في اتحاد فدرالي. لكن ارفاد اتنية الايغبو كانوا يشعرون بانهم مستبعدون من السياسية، وحتى مضطهدون من قبل الاتنيتين الكبريين الاخريين الهوسا الفولاني في الشمال واليوروبا في الجنوب الغربي.

شهدت نيجيريا في كانون الثاني/يناير 1966 اول انقلاباتها العسكرية قاده احد افراد اتنية الايغبو، تلاه انقلاب مضاد شمالي في تموز/يوليو. وحدثت مجازر ضد الايغبو في الشمال وعاد حوالى مليونين منهم الى منطقتهم.

وفور اعلان “جمهورية بيافرا” جرت مسيرات فرح في الاقليم الانفصالي.

لكن الحكومة الانفصالية لم يكن بامكانها قبول الانفصال. فالشرق هو أغنى منطقة بالثروات الزراعية والمنجمية، وقبل كل شئ النفطية.

– غارات جوية وحصار –

اعلن رئيس نيجيريا التعبئة العامة ووصف اعلان دولة بيافرا “بالتمرد” الذي “سيسحق”. وفرضت السلطات العسكرية حصارا على جنوب شرق نيجيريا.

في السادس من تموز/يوليو 1967 شن الجيش هجوما عاما. وبدأت الغارات الجوية الاولى. في تشرين الاول/اكتوبر سيطر “الاتحاديون” على اينوغو عاصمة بيافرا، ثم على مرفأ كالابار. وسقطت اونيتشا وبور هاركور في الاشهر الاولى من 1968.

وتجاوز النزاع حدود البلاد. فقد دعمت بريطانيا والاتحاد السوفياتي ومنظمة الوحدة الافريقية (التي اصبحت فيما بعد الاتحاد الافريقي) الحكومة الفدرالية، بينما لم تلق بيافرا دعم سوى عدد قليل من الدول الافريقية وفرنسا.

– مأساة انسانية –

في الثالث من تموز/يوليو 1968، قدر ممثل للجنة الدولية للصليب الاحمر بما بين ثمانية ملايين و12 مليون شخص عدد المتضررين بالنزاع. وقال ان مئتي شخص يموتون جوعا كل يوم في بيافرا.

في آب/اغسطس، روى موفد خاص لوكالة فرانس برس: “يظن المرء انه يرى اشباحا نحيلين وصامتين تلفهم اقمشتهم الرمادية (…) جميعهم تقريبا من النساء والمسنين. لم يعد هناك الكثير من الاطفال في بيافرا (…) للاجئون يرحلون امعاؤهم خاوية فارين من مدفعيات الاتحاديين. الخناق يضيق”.

في نهاية آب/اغسطس تحدث عن مليون لاجئ جديد خلال 15 يوما مع تقدم القوات الفدرالية. وكتب “يموت شخص واحد كل ربع ساعة. اللاجئون يموتون بسبب الجوع والانهاك”.

وعلى الفور اهتمت وسائل الاعلام بالمجاعة ونشرت صور اطفال يائسين، وقد انتفخت بطونهم بسبب سوء التغذية والجفاف.

وقررت مجموعة صغيرة من الاطباء الفرنسيين الذين يعملون للجنة الدولية للصليب الاحمر وبينهم برنار كوشنير الذي اصبح وزيرا في وقت لاحق، تجاوز الاتفاقات والحدود السياسية للتدخل باسم الحقوق الانسانية. وهؤلاء هم من اسسوا في نهاية 1971 منظمة “اطباء بلا حدود”.

– حقد –

في آب/اغسطس-ايلول/سبتمبر 1968، شن الجيش هجوما واسعا واستعاد مدنا عدة بينها ابا. في آذار/مارس-نيسان/ابريل 1969، سقطت العاصمة الجديدة اومواهيا بيد الجيش.

وبعد هجمات “للمتمردين” على آبار النفط، عزز الاتحاديون حصارهم ومنعوا الرحلات الجوية للجنة الدولية للصيب الاحمر. ولم يبق سوى الكنائس المسيحية والصليب الاحمر الفرنسي لتواصل الرحلات الانسانية في ظروف تزداد خطورة.

في بداية كانون الثاني/يناير 1970، شن الجيش الاتحادي هجومه الاخير.

انتهى الكابوس في 15 كانون الثاني/يناير وزالت بيافرا من الوجود. فر اوجوكو في 11 كانون الثاني/يناير الى ساحل العاج، ووقع مساعده فيليب ايفيونغ في اليوم التالي في لاغوس رسميا استسلام بيافرا للجنرال غوون الذي كان قد تم عمليا قبل ثلاثة ايام.

واستعادت “نيجيريا الموحدة” مكانتها. وقال الجنرال غوون “لا غالب ولا مغلوب” ودعا الى مصالحة. لكن النزاع سبب حقدا كبيرا بين جنوب شرق البلاد وبقية البلاد، وبقي موضوعا محرما في الذاكرة الجماعية.

واستعاد الشرق مكانه في الاتحاد، لكن الحرب الاهلية اعطت وزنا كبيرا للجيش الذي عاشت الحياة السياسية في نيجيريا على وقع انقلاباته حتى 1999.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية