مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بدء العد التنازلي لاستراتيجية حلف الاطلسي في الفضاء

الامين العام للحلف الاطلسي ينس ستولتنبرغ متحدثا امام الكونغرس الاميركي في الثالث من نيسان/ابريل 2019 afp_tickers

يطلق حلف شمال الاطلسي إستراتيجيته الاولى للفضاء هذا الأسبوع مع تزايد المخاوف المحتملة ازاء عسكرة هذا المجال والتصدي للصين وروسيا خصوصا.

كما تدفع كذلك المخاوف حيال الحطام الذي يدور حول الأرض بوزراء دفاع الحلف الى البحث في إطار جديد في هذا الشأن.

وأوضح دبلوماسيون أن هدف الحلف الاطلسي من ذلك هو تحويل الفضاء الى مجال تشغيلي كامل إلى جانب البر والبحر والجو والامن الإلكتروني، ربما بحلول قمة التحالف في لندن في كانون الاول/ديسمبر.

من جهته، قال الامين العام للحلف ينس ستولتنبرغ للصحافيين إن “الفضاء جزء من حياتنا اليومية وفي حين يمكن استخدامه في أغراض سلمية فانه يمكن استخدامه أيضا في العدوان”.

واضاف “يمكن التشويش على الأقمار الصناعية أو اختراقها أو تسليحها. الوسائل المضادة للأقمار الصناعية قد تشل الاتصالات. لذا، من المهم التحلي باليقظة والمرونة”.

حاول الحلف دون جدوى صياغة سياسة معينة في هذا الاطار في السابق، كان آخرها عامي 2011 و2012. لكن المسؤولين يشيرون إلى قوة الدافع الجديد الآن حيث يصبح الفضاء “أكثر فأكثر ازدحاماً ومجالاً للتنازع والمنافسة”.

وهناك ما لا يقل عن ألفين من الأقمار الصناعية النشطة تدور حاليا حول الأرض، إلى جانب نصف مليون قطعة من الحطام، بامكان 30 إلى 40 الفا منها إتلاف قمر صناعي.

وقال مسؤول في الحلف إنه ليس هناك حتى الآن انتشار معروف لأسلحة في المدار لكن المخاوف تتزايد حيال “سلوك أكثر عدوانية” من الصين وروسيا.

على غرار الولايات المتحدة، تستطيع روسيا والصين تدمير الأقمار الصناعية المعادية لها باستخدام صواريخ تنطلق من الأرض، وربما أيضا عن طريق الصدامات الهندسية المتعمدة. ويمكن للبلدان الثلاثة تطوير أشعة الليزر لتعمية الأقمار الصناعية أو إتلافها.

-التشويش الفضائي-

كما أصبحت عمليات القرصنة والتشويش والمضايقة واقمار التجسس تكتيكات مهمة بشكل متزايد في الفضاء.

في تشرين الاول/أكتوبر 2017 ، اقترب قمر صناعي روسي من قمر صناعي فرنسي إيطالي في خطوة نددت بها باريس معتبرة اياها عملية تجسس. كما أظهرت الولايات المتحدة والصين قدرات مماثلة.

ستمنح السياسة الجديدة للحلف اطارا لبحث هذه المسائل وكيفية الرد عليها والحفاظ على التقدم الحالي للاطلسي في الفضاء.

يضم حلف الاطلسي نحو نصف دزينة من الدول الأعضاء “التي ترتاد الفضاء” بقيادة الولايات المتحدة، وفي البداية ستسعى السياسة الجديدة إلى استخدام موارد هذه الدول بدلا من تطوير قدرات جديدة للتحالف.

وقال مسؤول في الحلف ان “الاطلسي لن يشتري أو يشغل أقماره الصناعية الخاصة. يقضي المبدأ باعتماد الحلف على الخدمات الفضائية التي يقدمها الحلفاء”.

لكن على المدى الطويل، يمكن أن يكون هناك دور لبعض عناصر النظام الفضائي الذي يديره حلف شمال الأطلسي على سبيل المثال استبدال منظومته للمراقبة “اواكس” عندما يتم التخلص التدريجي منها بعد العام 2030.

واذا أصبح الفضاء مجالا تشغيليا، سيسمح ذلك للمخططين في الحلف بتحديد أهداف للحلفاء بغية توفير قدرات اكبر مثل ساعات طويلة من الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، أو قدر معين من المعطيات لصور تستخدمها اجهزة الاستخبارات.

الا ان السؤال المهم بالنسبة للحلف هو ما إذا كان يمكن تطبيق معاهدة الدفاع المشترك، وفي أي ظروف، ـ المادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية- والتي بموجبها يعتبر الهجوم على دولة عضو هجوماً يستهدف جميعها.

تابع ستولتنبرغ إنه من السابق لأوانه التكهن بكيفية تطبيق المادة الخامسة في الفضاء، لكن القضية ستكون حاسمة في النقاش المقبل بين الحلفاء.

– فكرة ترامب –

يقوم الجيش الأميركي بعملية تغيير ضخمة لإنشاء قوة الفضاء التي يطالب بها الرئيس دونالد ترامب.

ستكون القوة الجديدة التي لم تحصل بعد على موافقة الكونغرس على قدم المساواة مع الجيش والبحرية والقوات الجوية وسلاح مشاة البحرية وتضم نحو 20 ألف عنصر.

في حين لا تشكل سياسة الاطلسي استجابة لخطط ترامب، لكنها قد تكون رسالة إيجابية من ستولتنبرغ للزعيم الأميركي خلال قمة لندن التي قد تكون محرجة.

طغى ترامب على قمة الأطلسي في بروكسل العام الماضي باعلانه مرارا أن الحلفاء الأوروبيين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع، ومع تحسينات متواضعة فقط في هذا المجال، فإن شبح التكرار يخيم على القمة.

وقال المسؤول في حلف الاطلسي “لن يكون هناك الكثير من العناوين الرئيسية المهمة كي يتقدم الامين العام امام وسائل الاعلام عندما ياتي كانون الاول/ديسمبر”.

وتابع أن “الفضاء هو المكان الذي يمكن للامين العام أن يقول +أيها الرئيس ترامب، لقد أعلنت عن انشاء قوة فضائية، نحن في الحلف ندرك الأهمية المتزايدة لهذا المجال. لذا، قررنا المضي قدما في المجال العملاني مع كل الأعمال اللاحقة التي ستلي ذلك+”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية