مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السعودية تبعد الشبهات عن ولي العهد وتؤكّد أن جثّة خاشقجي قطّعت في قنصليتها

تكريم للصحافي السعودي جمال خاشقجي أمام القنصلية السعودية في اسطنبول، في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018 afp_tickers

أكدت النيابة العامة السعودية الخميس أن الصحافي جمال خاشقجي حقن “بجرعة كبيرة” من مادة مخدرة قبل تقطيع جثته في قنصلية السعودية في اسطنبول، وطلبت الاعدام لخمسة أشخاص على خلفية القضية، لكنها أبعدت الشبهات تماما عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وبعد أسابيع من التحقيقات، قال وكيل النيابة العامة السعودية شلعان الشلعان في مؤتمر صحافي ردا على سؤال حول احتمال تورط ولي العهد، إن نائب رئيس الاستخبارات السابق، في إشارة الى أحمد العسيري الذي أعفي من منصبه، أمر بإعادة خاشقجي الى السعودية “بالرضا أو بالقوة”، وإن رئيس فريق التفاوض في موقع الجريمة أمر بقتله، من دون ان يكشف عن هويته.

وبحسب الشلعان، فإن التفاوض مع خاشقجي وقت تواجده في القنصلية تطوّر إلى “عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المجني عليه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته”.

بعد مقتله، “تمت تجزئة” جثته “من قبل المباشرين للقتل وتم نقلها إلى خارج مبنى القنصلية”، وتسليمها إلى “متعاون” لم تحدّد هويته، لكن الشلعان قال إنه تم التوصل إلى “صورة تشبيهية” له.

وهذه المرة الأولى التي تؤكد السعودية تقطيع جثة خاشقجي في القنصلية في 2 تشرين الأول/اكتوبر الماضي.

وقال بيان للنائب العام السعودي إنه من بين 21 موقوفا على ذمّة القضية، تم “توجيه التهم إلى 11 منهم وإقامة الدعوى الجزائية بحقهم، وإحالة القضية للمحكمة مع استمرار التحقيقات مع بقية الموقوفين للوصول إلى حقيقة وضعهم وأدوارهم”.

وطالبت النيابة العامة “بقتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم وعددهم خمسة أشخاص وإيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية”.

من جهته، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفض السعودية الاقتراح التركي إجراء تحقيق دولي في قضية مقتل الصحافي.

وقال الجبير “هذا أمر مرفوض، المملكة العربية السعودية لها جهاز تحقيق”، مضيفا “القضية الآن أصبحت قضية قانونية ويتم التعامل معها من قبل القضاء في المملكة العربية السعودية”.

كما قال ردا على سؤال حول الأمير محمد “لم يكن لولي العهد أي دور في هذه المسألة”.

– “تقطيع الجثة ليس عفويا” –

اعتبرت الخارجية الأميركية الخميس أن التهم الأولى التي صدرت في إطار التحقيق السعودي في جريمة قتل الصحافي هي “خطوة أولى جيدة” في “الطريق الصحيح”، ودعت السلطات السعودية الى المضي قدما في تحقيقاتها.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت “من المهم أن تستمر هذه الخطوات، حتى تتم محاسبة جميع الأشخاص المتورطين”.

ولم تستبعد نويرت فرض عقوبات جديدة في إطار هذه المسألة مع تقدّم التحقيقات.

ورأت فرنسا من جهتها، أن تحقيق النيابة العامة السعودية في الجريمة “يسير في الاتجاه الصحيح”.

لكنّ تركيا قالت إن التوضيحات التي قدّمها وكيل النيابة العامة السعودية “غير كافية”، مشددة على أنّ قتل الصحافي تم عن سابق تصميم.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إنّ “كلّ هذه التدابير إيجابية لكنها غير كافية”، مضيفا أن بعض التوضيحات التي قدمها القضاء السعودي الخميس “لم تكن مرضية”.

وتابع “يقولون لنا إن (خاشقجي) قُتل لأنه عارض إعادته إلى بلاده. لكن الواقع أن هذه الجريمة وكما قلنا سابقا تم التخطيط لها مسبقا”.

وأردف الوزير “تقطيع الجثة لم يكن عفويا. جلبوا معهم مسبقا الأشخاص والأدوات الضرورية لذلك. بكلام آخر، خططوا مسبقا لكيفية قتله وتقطيعه”، مطالبا بـ”كشف المدبرين الحقيقيين” للعملية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أشار إلى أن الأمر بقتل خاشقجي صدر من “أعلى المستويات” في الحكومة السعودية دون أن يشير بأصابع الاتهام مباشرة إلى ولي العهد.

بدورها، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن أحد أعضاء الفريق السعودي الذي نفذ العملية في القنصلية قال لشخص أعلى رتبة منه عبر الهاتف “أبلغ سيّدك”، الذي دارت شبهات بأنه قد يكون الأمير محمد بن سلمان، أن العملية تمت.

– آلية تعاون –

اختفى خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول بتاريخ 2 تشرين الأول/اكتوبر للحصول على وثائق لإتمام زواجه من خطيبته التركية. وكان يقيم في الولايات المتحدة حيث كتب مقالات رأي في صحيفة “واشنطن بوست” انتقد فيها سياسات ولي العهد.

وأكّدت السلطات السعودية أولا أن خاشقجي غادر القنصلية، لكنها اعترفت بعد ذلك أنه قتل في شجار ثم تحدثت عن عملية نفذها “عناصر خارج إطار صلاحياتهم” ولم تكن السلطات على علم بها. وأعلنت إعفاء العسيري من منصبه، إلى جانب المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني.

وشكّكت دول كبرى في الروايات السعودية التي تبدّلت مرارا، وفي مقدمها الولايات المتحدة التي تقيم علاقات وطيدة مع بن سلمان.

وأعلنت الولايات المتحدة الخميس فرض عقوبات اقتصادية على 17 سعودياً من المتهمين بالضلوع في قتل خاشقجي بينهم مقربون من بن سلمان.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إن “السعوديين الذين نفرض عليهم عقوبات تورطوا في القتل الشنيع لجمال خاشقجي. هؤلاء الأفراد الذين استهدفوا وقتلوا ببشاعة صحافيا كان يقيم ويعمل في الولايات المتحدة يجب أن يتحملوا وزر أعمالهم”.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أكد الأحد لوليّ العهد السعودي إصرار واشنطن على محاسبة المسؤولين عن قتل الصحافي، مشدّداً على وجوب “أن تفعل الرياض المثل”.

وأعلنت وزيرة خارجية كندا كريستيا فريلاند أن بلادها قد تحذو حذو الولايات المتحدة وتفرض عقوبات على مسؤولين سعوديين لهم علاقة بقتل خاشقجي.

وفي بيانه، دعا النائب العام السعودي أيضا تركيا الى توقيع آلية تعاون خاصة بالتحقيقات في قضية مقتل الصحافي.

وأوضح النائب العام أن الرياض تدعو المسؤولين الأتراك الى “تزويدها بالأدلة والقرائن التي لديهم ومنها أصول كافة التسجيلات الصوتية التي بحوزة الجانب التركي المتعلقة بهذه القضية، وأن يتم توقيع آلية تعاون خاصة بهذه القضية مع الجانب التركي”.

وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الثلاثاء نقلا عن جهات استمعت إلى التسجيل الصوتي المرتبط بقتل الصحافي، أن التسجيل لا يشير إلى تورط ولي العهد السعودي بالعملية.

وسيقام مجلس عزاء عن خاشقجي من الجمعة الى الاحد في منزله في جدة، حسب ما أعلن صلاح خاشقجي، نجل الصحافي، على تويتر.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية