مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحديدة تتنفّس الصعداء غداة توقف المعارك

قوات موالية للحكومة اليمنية في الضواحي الشرقية للحديدة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر. afp_tickers

عادت الحياة الى المناطق القريبة من جبهات القتال في مدينة الحديدة غداة وقف هجوم القوات الموالية للحكومة، في وقت أبدى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي دعمه لعقد محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة.

وقالت مراسلة لوكالة فرانس برس في الحديدة إن الهدوء يعمّ المدينة الخميس، وأن المدارس في المناطق القريبة من جبهات القتال في الشمال والجنوب أعادت فتح أبوابها وتعمل بشكل طبيعي، والأمر نفسه بالنسبة للمتاجر.

وذكرت أن أصوات تبادل إطلاق النار تُسمع بين الحين والاخر، وأن الأصوات الوحيدة التي يسمعها سكان المدينة الساحلية بشكل مستمر هي أصوات طائرات التحالف العسكري الذي تقوده السعودية دعما للقوات الموالية للحكومة.

وبعد أسبوعين من الاشتباكات العنيفة التي قتل فيها نحو 600 شخص غالبيتهم من المتمردين، تراجعت حدة المعارك في المدينة الساحلية مساء الاثنين، قبل أن تتحوّل إلى اشتباكات متقطعة الثلاثاء وتتوقف تماما الاربعاء.

وأكد ثلاثة قادة ميدانيين في القوات الموالية للحكومة الاربعاء أنهم تلقوا أوامر من رؤسائهم تفيد بوقف إطلاق النار، ووقف “أي تصعيد عسكري” و”أي تقدم”، في المدينة التي تضم ميناء يشكل شريان حياة لملايين السكان.

لكن المتحدث باسم التحالف العسكري الذي يقود المعارك في مواجهة المتمردين الحوثيين، العقيد الركن تركي المالكي، لم يؤكد وجود وقف لاطلاق النار، قائلا في تصريح لفرانس برس “العمليات العسكرية مستمرة، كل عملية لها خصائصها ومسارها”.

وأعلن المتمردون الحوثيون من جهتهم عبر قناة “المسيرة” المتحدّثة باسمهم أن التحالف العسكري شن سلسلة غارات على منطقة قرب المدخل الشرقي لمدينة الحديدة الخميس، وأنّهم دمروا آلية عسكرية للقوات الحكومية بلغم أرضي في المنطقة ذاتها.

– “سلما أو حربا” –

وبدأت حرب اليمن في 2014 بين المتمرّدين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار/مارس 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء.

وقتل نحو عشرة آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف.

ومع اشتداد المعارك في الحديدة، توالت الدعوات من قبل الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لوقف اطلاق النار وعقد محادثات سلام في تشرين الثاني/نوفمبر الحالي أو قبل نهاية العام، وبرعاية العام المتحدة، على أن تستضيفها السويد.

والخميس، أيّد الرئيس اليمني هذه المحادثات.

ونقلت وكالة سبأ الرسمية للأنباء عن متحدث باسمه أن الرئيس “وجّه بدعم كل الجهود التي تضمن مصلحة اليمن في الوصول إلى سلام مستدام”، لكنه شدّد على أن “معركة اليمنيين لتحرير الحديدة أمر لم يعد منه مفر، سلماً أم حرباً”.

وجاءت تصريحات هادي بعد ساعات على إعلان دولة الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، عن تأييدها محادثات سلام في السويد قبل نهاية العام.

وتقود الامارات القوات الحكومية في معاركها مع المتمردين الحوثيين في مدينة الحديدة. وكانت جمعت في بداية العام ثلاث قوى عسكرية غير متجانسة ودرّبتها لشن الهجوم على ساحل البحر الاحمر باتجاه ميناء الحديدة.

ويرى خبراء ان هجوما للتحالف على المرفأ لا يزال محتملا، وهو ما يمكن أن يضع 14 مليون يمني يعتمدون على المساعدة، على حافة المجاعة.

– حماية الميناء –

رغم توقف المعارك، يخشى سكان في الحديدة المطلة على البحر الاحمر أن تقوم القوات الموالية للحكومة بمحاولة جديدة للتقدم نحو شمال المدينة من أطرافها الشرقية وقطع طريق رئيسي هو المعبر البري الوحيد المتبقي إلى الخارج.

وقال مروان عبد الواسع أحد سكان المدينة لفرانس برس “ما يحصل داخل الحديدة هو كارثة انسانية (…). نتمنى أن تتوصل الأطراف المتحاربة الى إتفاق سياسي (…) لتجنيبها الدمار والحرب”.

وأضاف “إذا تم قطع وصول المواد الغذائية والمشتقات النفطية للمدينة، ستتضاعف كارثة المواطنين”.

وأظهرت لقطات من تسجيل مصوّر لبرنامج الاغذية العالمي خلال زيارة الى مدينة الحديدة مؤخرا دمارا في منازل في مناطق الاشتباكات العنيفة، التي شهدها خصوصا حي سكني في شرق المدينة.

كما أظهرت آليات عسكرية للمتمردين تجوب شوارع مدينة الحديدة وعلى متنها مسلحون وبينهم سلاح مضاد للطائرات، بينما عمد مسلحون آخرون على حمل قاذفات “آر بي جي” على أكتافهم وهم يقودون دراجاتهم النارية.

وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة المتمرّدين منذ 2014، وتحاول القوات الحكومية بدعم من التحالف العسكري استعادتها منذ حزيران/يونيو الماضي. واشتدّت المواجهات في بداية الشهر الحالي، ما أثار مخاوف الامم المتحدة ومنظمات من وقوع كارثة انسانية في حال توقف عمل ميناء المدينة.

وتمر عبر هذا الميناء الحيوي غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان في بلد يواجه نحو 14 مليونا من سكانه خطر المجاعة، وفقا للامم المتحدة.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي “علينا أن نحمي هذا الميناء بكل السبل لكي يعمل بأعلى قدرة ممكنة، وإذا لم نفعل ذلك فإن الناس سيموتون”.

وفي الرياض، اتّفق مسؤولون من السعودية والامارات وبريطانيا والولايات المتحدة في لقاء على اجراءات اقتصادية لدعم اليمن.

وقال بيان نشرته وكالة الانباء السعودية الرسمية إن الدول الاربع اتفقت على “إنشاء برنامج تسهيلات تجارية”، و”تكثيف الدعم” لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث “بشأن تدابير اقتصادية لبناء الثقة” بين أطراف النزاع.

كما قرّرت “تقديم الدعم للحكومة اليمنية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة، بما في ذلك دفع أجور المدنيين من موظفي القطاع العام”.

ستر-بور-ني-مع/نور

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية