مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حظر تجول في كركوك المنقسمة حول الاستفتاء

اكراد عراقيون يصلون للادلاء باصواتهم في الاستفتاء حول استقلال اقليم كردستان العراق في 25 ايلول/سبتمبر 2017 afp_tickers

بين مجموعة كردية تشكل غالبية سكان كركوك واقليات مترددة او رافضة للاستفتاء على استقلال كردستان، انتهى يوم الاقتراع في كركوك المتنازع عليها بين الحكومة العراقية المركزية والسلطات في كردستان العراق، بإعلان حظر تجول في المدينة.

وانتشرت القوى الامنية في وسط كركوك والاحياء ذات الغالبية العربية والتركمانية التي شملها حظر التجول حصرا، لمنع اي احتكاك بين المحتفلين باستفتاء يريدونه مقدمة لتحقيق الحلم بدولة مستقلة في المستقبل، وأقليات رافضة للانفصال عن بغداد.

وخلت شوارع هذه الاحياء من المارة والسيارات تماما بعد إعلان حظر التجول عصرا، فيما لم تكن مراكز الاقتراع قد أقفلت بعد.

على المقلب الآخر، في الاحياء الكردية الواقعة إلى الأطراف الشمالية لمدينة كركوك، كان المشهد مغايرا. تواصلت عملية الاقتراع حتى إقفال المراكز، وعجت الشوارع بالسيارات والمواطنين المحتفلين على وقع الأغاني والطبول والمزامير، بحسب ما افاد صحافي في وكالة فرانس برس.

وأضيئت السماء بالألعاب النارية، وكان بعض المحتفلين يحملون أسلحتهم ويطلقون النار بشكل كثيف في الهواء ابتهاجا. بينما يجوب آخرون بسياراتهم الملونة بألوان العلم الكردي الشوارع رافعين الأعلام الكردستانية.

وبرر العقيد افراسيو قادر من شرطة كركوك لوكالة فرانس برس قرار فرض حظر التجول الذي جاء بأمر من المحافظ “بهدف ضبط الامن ومراقبة الأوضاع وحماية مواطني كركوك”، مشيرا الى انه مستمر “حتى اشعار آخر”.

وقال ضابط برتبة نقيب في القوى الأمنية، طالبا عدم كشف هويته، “هذا إجراء احترازي. لدينا مخاوف من أن يقدم أحد المحتفلين على استفزازات في المناطق التي لم يشارك أهلها في عملية التصويت”.

وحمل بعضهم لافتة كتب عليها “باي باي العراق” باللغة الكردية.

وكانت عملية الاقتراع بدأت بهدوء في الصباح، إثر ليلة طويلة من الاحتفالات قام بها الاكراد في المدينة. وما لبثت ان نشطت خلال النهار.

وشهدت الشوارع انتشارا امنيا كثيفا لقوات الاسايش (قوى الامن الكردية)، لا سيما عند أبواب مراكز الاقتراع، الى جانب قوى الشرطة المحلية التابعة لحكومة بغداد.

في مركز اقتراع أقيم في مدرسة المتوكل الابتدائية في وسط المدينة، شاهد صحافي في وكالة فرانس برس ناخبين وناخبات يرتدون الزي الكردي التقليدي يدخلون بفرح واضح للادلاء بأصواتهم.

وقالت ابتسام محمد (٤٥ عاما) بعد الادلاء بصوتها لوكالة فرانس برس “صوت بكل شرف. لو كان لدي ٢٠ إصبعا لكنت صوتت بالأصابع العشرين من أجل دولتي”.

ورفعت إصبعها الذي بدا عليه الحبر الازرق للتأكيد على انها أدلت بصوتها. ووضع عدد من الناخبين وشاحا على أعناقهم بألوان علم كردستان.

وقال توانا عبد الدين (33 عاما) من قوات الاسايش “صوتت للدولة التي اريدها، لمستقبل افضل، ولأمان أكثر”، مضيفا “كل شخص يتمنى أن يكون له وطن يعيش فيه بأمان”.

وارتفعت من المآذن هتافات التكبير، وكأنه يوم عيد.

– رقص وزغاريد –

وكانت كركوك انفجرت فرحا مساء الاحد بعد إعلان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني المضي في استفتاء يثير غضب الحكومة الاتحادية في بغداد.

وبدأت السيارات تجوب وسط المدينة رافعة الأعلام الكردستانية ومطلقة أبواقها إيذانا ب”فجر جديد”، كما قال نوزاد حميد لوكالة فرانس برس.

وقال حميد الذي لف نفسه بالعلم ذي الألوان الخضراء والبيضاء والحمراء وتتوسطه شمس، “هذه الشمس ستشرق غدا، غدا فجر جديد للأكراد، ولكل أهالي كركوك وكردستان”.

ووقفت فتيات على سيارة بيك آب بيضاء اللون لوّنن وجوههن بعلم “الدولة”، يرقصن ويهللن ويطلقن الزغاريد.

ويتالف سكان المدينة من اكراد وتركمان أعلنوا رفضهم لاجراء الاستفتاء وعرب رافضين ايضا بغالبيتهم للاستفتاء. ولا تشكل محافظة كركوك جزءا من اقليم كردستان، لكن الاكراد يريدون ضمها اليه، الامر الذي ترفضه الحكومة العراقية المركزية.

وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم الذي أقاله البرلمان العراقي قبل أسبوعين رداً على تأييده للاستفتاء، عقد مؤتمرا صحافيا الاحد قال فيه “غدا هو اليوم الحاسم. أدعو جميع مواطني كركوك من التركمان والعرب والاكراد والكلدان والآشوريين والمسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة الى أن يتوجهوا لصناديق الاستفتاء ويصوتوا بنعم لاستقلال كردستان”.

وصباح الاثنين، كان سامي عبد الرحمن (22 عاما)، وهو طالب هندسة معمارية، أحد الذين لبوا النداء.

وقال لفرانس برس بعد خروجه من مركز الاقتراع “كنت انتظر هذا اليوم منذ ولدت. هذا عيد مولد جديد بالنسبة الي. أنا سعيد جدا”.

واضاف “جدتي لم تستطع الحضور لانها مريضة جدا. قالت لي +عليك أن تصوت بنعم+ لان اعمامي استشهدوا من أجل هذا اليوم. فكيف اقول لا لاستقلال كردستان؟”.

لكن من الواضح أن الاستفتاء لا يحظى بالإجماع في المدينة التي أطلق عليها يوما الرئيس العراقي السابق جلال طالباني اسم “قدس كردستان”، بسبب القلق من تداعيات سلبية محتملة لنتائج الاستفتاء، ووسط تحذير البعض من أن يكون شرارة لانطلاق حرب اهلية.

وقال متين عبد الله اوجي، مدرس تركماني، 42 عاما، “لم اشارك في التصويت لأنه يشعرني بأن هويتي وقوميتي ومكانتي وتراثي وتاريخي سيضيعون”.

وقال خلف مجبل العبيدي (عربي، 51 عاما) من جهته “العرب هم الحلقة الأضعف بين مكونات كركوك بسب احتلال مناطقهم من داعش وفقدانهم لجغرافيتهم او وجود مواطنيهم في مخيمات النزوح”. واضاف “نحن نحترم حق الاكراد بتقرير مصيرهم، لكننا نرفض أن تفرض إرادة مكون على حساب مكونات كركوك الاخرى”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية