مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“قبل توجيه الإتهامات والإدّعاءات لابدّ من تقديم الحجج”

حوار مع سفير قطر
الدكتور مبارك بن كليفيخ الهاجري سفير دولة قطر لدى سويسرا خلال حوار مع swissinfo.ch يوم الإثنيْن 3 يوليو في برن بشأن تطورات الازمة بين بلاده وجاراتها في منطقة الخليج. swissinfo.ch

قدمت قطر يوم 3 يوليو الجاري ردّها على مطالب المملكة العربية السعودية وحلفائها إلى أمير دولة الكويت الذي يقود وساطة بين الطرفيْن. وحتى اللحظة لم يكشف عن مضمون هذا الرد أو عمّا ستقرّر البلدان الأربعة المناوئة للإمارة الغنية بثرواتها الطبيعية رفع الحصار عنها بعد دراسة مضمون الرد القطري في اجتماع وزاري رباعي ينتظر أن يعقد يوم غد الأربعاء في العاصمة المصرية.

من أجل استجلاء مضمون الرّد القطري، وثوابت موقف الدوحة، ورؤيتها لحلّ نزاعها مع جاراتها، أجرت swissinfo.ch يوم الإثنين 3 يوليو في برن هذا الحوار الشامل مع سعادة الدكتور مبارك بن كليفيخ الهاجري سفير دولة قطر لدى الكنفدرالية.. 

swissinfo.ch: تسلّم قطر اليوم ردّها على مطالب البلدان الأربعة، هل يمكن أن تعطونا فكرة ولو عامة عن مضمون هذا الرد؟ وهل يتجه الوضع نحو الإنفراج بعد طلب الوسيط الكويتي مهلة بـ 48 ساعة؟

السفير مبارك الهاجري: فعلا سلّمت دولة قطر ردّها على المطالب اليوم إلى الوسيط الكويتي. لكن لا أحد يعرف إلى حد اليوم ما هو مضمون هذا الرد. لكن سبق لوزير خارجية قطر أن أعلن خلال زيارته الأخيرة إلى إيطاليا أن هذه المطالب سُلّمت لكي تُرفض. لأن جلّها يتعلّق بسيادة دولة قطر، وهذا شيء بالنسبة لنا كقطريين خط أحمر غير قابل للتفاوض. 

swissinfo.ch: المطالب التي تقدمت بها البلدان المحاصرة لقطر، اعتبرتها الدوحة مخالفة للقانون الدولي وغير واقعية. هل لاحظتم في هذه القائمة الطويلة ما هو قابل للإستجابة أو للتحاور بشأنه؟ 

السفير مبارك الهاجري: ما يتعلّق بأمور السيادة، غير قابل للتفاوض. ما دون ذلك، هناك نقاط، نحن مستغربون من ورودها. وأتكلّم هنا- كشعب خليجي – “نحن شعوب نموت ولا نشحت”، ما نستغربه في هذه المطالب تضمنها لمطلب التعويضات. أنا متأكّد مليون في المائة، أن هذا المطلب لم تضعه دولة خليجية. أما قضية إيقاف عمل قناة الجزيرة، فأنا اكتشفت من هذه الأزمة أن الجزيرة عامل ردع فعّال بالنسبة لمن يريد النيل من قطر، وأن أربعة دول تواجه محطّة إخبارية فهذا أمر مستغرب. ومطالبة هذه البلدان بغلق الجزيرة منحها دعاية لم تكن تحلم بها، والتفاعل الدولي عزّز من فعاليتها. لكن ما نطالب به نحن في قطر ليس الإدعاءات بل تقديم الحجج، ما عدى ذلك، كل المطالب التي وُجّهت إلينا هي ادّعاءات لا أساس لها من الصحّة. نحن نظلّ منفتحين على إخواننا في المجلس الخليجي، ولكن قبل توجيه الإدعاءات لابد من توفير الحجج.

 swissinfo.ch: منذ اندلاع الازمة، أعلنت العديد من البلدان إستعدادها للتوسّط بين الطرفيْن، وفي مقدّمتها الكويت. ما الذي يعرقل إحراز تقدّم في هذا المجال؟ 

السفير مبارك الهاجري: بداية نحن نقدّر جهود سموّ أمير دولة الكويت، وهذا شيء نثمّنه، وهو صاحب مبادرات ويحظى بإحترام الجميع، لكن المطالب التعجيزية التي وضعت أمام قطر هو ما يؤخّر الحل.

اكتشفتُ من هذه الأزمة أن الجزيرة عامل ردع فعّال بالنسبة لمن يريد النيل من قطر

من النقاط المتضمنة في المطالب التي وجهت إلينا طرد الحرس الثوري من قطر. نحن ليس لدينا حرس ثوري في قطر، ومن لديه دليل عكس ذلك، فليأت به. أقول لهم: شكرا لكم أثرتم نقطة نريد أن نعرف مكان هذا الحرس الثوري. أما ما نعلمه نحن هو أن الحرس الثوري موجود في جزر إماراتية محتلّة يُرفع عليها العلم الإيراني. هناك فعلا يُوجد الحرس الثوري. من وضع هذه المطالب لا يريد التوصّل إلى حلّ للأزمة. 

swissinfo.ch: طالب ناشطون قطريون على مواقع التواصل الإجتماعي السلطات العليا في الدولة بإجراء استفتاء شعبي حول هذه المطالب. هل يمكن أن تلجأ الدولة القطرية إلى إجراء استفتاء وطني لإضفاء بُعد شعبي على خياراتها؟ 

السفير مبارك الهاجري: بالنسبة للأمور السيادية لا يمكن أن يكون هناك استفتاء، وسياسة الدولة واضحة فيها. لكن في قضايا أخرى، قد يأتي الوقت الذي تكون فيه الحاجة إلى استفتاء المواطنين. بالنسبة للأمور السيادية، الكل متفق عليها، ولا يمكن لأي جهة أن تتنازل عنها. 

swissinfo.ch: بعض المراقبين يقارنون وضع قطر في الشرق الأوسط بوضع سويسرا في أوروبا، لكنهم يتوقفون عند محدودية المشاركة الشعبية في صناعة القرار في قطر. هل يمكن أن يشكّل الوضع الحالي فرصة لتعزيز الإنفتاح وتوسيع المشاركة الشعبية كتشكيل برلمان منتخب مثلا في قطر؟ 

السفير مبارك الهاجري: ينصّ الدستور الذي أقرّ مؤخّرا، على قيام مجلس شورى منتخب، والدولة الآن بصدد الإعداد لانتخاب هذا المجلس. من ناحية أخرى، لو قارنا قطر بجيرانها، فهي متميّزة عليهم في كل مناحي الحياة، وهذا بشهادة الأمم المتحدة وجميع وكالاتها المتخصصة سواء في الصحة أو التعليم أو حرية التعبير والرأي. لذلك يُنظر إلى قطر بعين الحسد. وبالفعل قطر تشبه سويسرا من حيث صغر الحجم، لكن سويسرا توجد في محيط دوله ديمقراطية، تؤمن بالحوار، أما قطر فقد ابتليت بجوار لا يؤمن بالحوار، ويسعى إلى محاولة فرض الرأي. وبالنسبة لقطر هذا مرفوض. 

swissinfo.ch: أي دور ترونه للدبلوماسية السويسرية في إعادة اللحمة بين الأشقاء في الخليج؟

 السفير مبارك الهاجري: نحن أوّلا وقبل كل شيء نعوّل على إعادة اللحمة الخليجية من خلال الوساطة الكويتية. وكل الجهود التي تصبّ في هذا المنحى نحن نرحّب بها. وقبل الدور السويسري، نحن نثمّن الموقف الألماني الشجاع، ووقوفه صراحة إلى جانب قطر. سياسيا، نحن لا نتوقّع الكثير من سويسرا، فهي دولة مُحايدة، وبالتالي تدخّلها في الأمور السياسية نادرا ما يحصل. لكن سويسرا عبّرت عن رغبتها في لعب دور في حلّ هذه الأزمة إذا وافقت الأطراف على ذلك، وللعلم، هذا هو موقف العديد من البلدان الأوروبية الأخرى. نحن نقدّر كل هذه الجهود، لكن تركيزنا يظل متجها إلى الوساطة الكويتية. 

swissinfo.ch: من المعلوم أن لقطر استثمارات كبيرة في سويسرا، كما لسويسرا مصالح اقتصادية هامة في قطر. إلى أي حدّ تأثّر التبادل الإقتصادي بين البلديْن جرّاء التطوّرات الأخيرة في الخليج؟ 

السفير مبارك الهاجري: لم تتأثّر المبادلات الإقتصادية بين البلدين بما يجري. فهذا الفندق الذي نُوجد فيه الآن أي فندق “شفايسرهوف ببرن”رابط خارجي هو أحد هذه الإستثمارات القطرية في سويسرا، وعندنا استثمار مُماثل في لوزان هو فندق “روايال سافوي”رابط خارجي، ونهاية أغسطس سنفتتح أكبر مشروع سياحي ليس على مستوى سويسرا بل على مستوى أوروبا ككل هو منتجع “يورغن شتوك”رابط خارجي (في كانتون لوتسرن). كل الأمور تسير بشكل طبيعي، ولا تأثير لما يحدث على مصالحنا في سويسرا. 

swissinfo.ch: ما تعليقكم على ما ورد في نتائج تقرير غارسيا بشأن الظروف التي حفت بإسناد تنظيم كأس العالم لكرة القدم إلى قطر لعام 2022؟ 

السفير مبارك الهاجري: قبل فترة نُشرت بعض المعطيات المجتزئة وأخرجت عن سياقها من التقرير، ولكن الإتحاد الدولي لكرة القدم إنتبه لذلك فقرّر نشر التقرير كاملا. وهو في النهاية لصالح قطر ولصالح روسيا أيضا. وقد أكّد هذا التقرير بما لا يدع مجالا للشك أن دورة 2018 ستنظّم في روسيا ودورة 2022 في قطر، وأن هذه مسألة منتهية ولا خلاف عليها، وبأنه لا يشوب الملف الروسي، كما الملف القطري أي شائبة. 

قطر تشبه سويسرا من حيث صغر الحجم، لكن سويسرا توجد في محيط دوله ديمقراطية، تؤمن بالحوار، أما قطر فقد ابتليت بجوار لا يؤمن بالحوار ويسعى إلى محاولة فرض الرأي

 swissinfo.ch: طالبت عدّة منظمات دولية مدافعة عن حقوق الإنسان قطر بتحسين أوضاع العمال الأجانب. هل يمكن اطلاعنا على أهمّ الإصلاحات التي اعتمدتها قطر في هذا المستوى؟ 

السفير مبارك الهاجري: أصدرت قطر الكثير من القوانين لحماية هذه العمالة الوافدة. والعديد من اللجان الدولية زارت دولة قطر ولاحظت التقدّم المحرز في هذا الباب، واقتنعت بالكامل أن أوضاع العمال في قطر تأخذ المنحى الصحيح. ولكن جلّ الشركات العاملة في المشروعات ذات العلاقة بتنظيم كأس العالم لعام 2022 هي شركات أجنبية، وهي التي تستورد العمالة، وهي أيضا التي تتكفل بإيوائها وظروف حياتها، لذلك اللوم يقع على تلك الشركات وليس على قطر، لكن الدولة في قطر تحاول مساعدة هذه الشركات في تحسين أوضاع هؤلاء العمال.

وافقت الدول الأربع التي تتهم قطر بدعم الإرهاب على مد المهلة الممنوحة للدوحة لقبول مطالبها حتى مساء الثلاثاء في الوقت الذي أبدى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قلقه للطرفين بشأن الخلاف. 

وتقول قطر إن الاتهامات لا أساس لها وإن المطالب، التي تشمل إغلاق قناة الجزيرة التلفزيونية وطرد القوات التركية المتمركزة في الدوحة، وُضعت لتُرفض. 

وأثارت السعودية والبحرين ومصر والإمارات إمكانية فرض مزيد من العقوبات على قطر إذا لم تستجب للمطالب الثلاثة عشر التي قدمت لها عبر الكويت التي تتوسط لحل الخلاف. 

ووفقا لبيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية وافقت الدول الأربع على طلب الكويت تمديد المهلة الممنوحة للدوحة للرد على المطالب 48 ساعة.

ولم تحدد الدول العقوبات الإضافية التي قد تفرضها على الدوحة لكن مصرفيين في المنطقة يعتقدون أن البنوك السعودية والإماراتية والبحرينية قد تتلقى توجيهات رسمية بسحب ودائع وقروض ما بين البنوك من قطر.

وقالت مصر إن وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والبحرين سيجتمعون في القاهرة يوم الأربعاء لبحث الخطوة التالية في التعامل مع الدوحة دون الكشف عن تفاصيل أخرى.

وذكرت وسائل الإعلام الكويتية الرسمية أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سلم الكويت رد الدوحة الرسمي على مطالب الدول العربية.

وكانت الدول الأربع قطعت العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في الخامس من يونيو حزيران متهمة إياها بدعم الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية والتقارب مع إيران وهو ما تنفيه الدوحة. ولم تثمر جهود الوساطة بما في ذلك جهود الولايات المتحدة.

وأضرت الأزمة بالسفر وواردات الغذاء وأثارت ارتباكا بين الشركات في حين دفعت قطر للتقارب بشكل أكبر مع إيران وتركيا. لكنها لم تؤثر على صادرات الطاقة من قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم.

(المصدر: وكالات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية