مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشؤون العربية في الصحافة السويسرية

الصفحات الأولى لعدد من الصحف اليومية السويسرية بالألمانية والفرنسية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بآخر المستجدات في القدس وتطورات الأزمة الخليجية . swissinfo.ch

هذا الأسبوع، تابعت الصحف السويسرية باهتمام جولة الرئيس الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وتناولت أبعاد التصريحات التي صدرت عن دونالد ترامب في الرياض وتل أبيب وخاصة فيما يتعلق بمواجهة إيران وإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما اهتم البعض منها بسير المعارك ضد مقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية" في الموصل واحتمالات المستقبل في المنطقة بعد القضاء على "الخلافة" المُعلن عنها قبل ثلاثة أعوام. 

“أصدقاء السلاح ترامب وسعود” 

على خلاف العديد من الصحف ووسائل الإعلام السويسرية التي اهتمت بشكل خاص بزيارة الرئيس دونالد ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط، اختارت صحيفة تاغس أنتسايغر الصادرة بتاريخ 20 مايو 2017 التركيز على صفقة الأسلحةالمعلن عنها بين السعودية والولايات المتحدة.

الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ رأت أن “صناعة السلاح الأمريكي هي المستفيد الحقيقي من حكومة ترامب وأن الإتفاق بين الرياض وواشنطن يُعد أكبر صفقة في تاريخ الولايات المتحدة”.

وأضافت أنه “على عكس أوباما، فإن ترامب لا يفكر كثيرا في الإعتبارات الإنسانية. وكانت إدارة أوباما وافقت بين عامي 2009 و2016 على عقود أسلحة مع المملكة العربية السعودية بقيمة 115 مليار دولار لكنها أوقفت جزءا منها العام الماضي بعد توجيه السعودية والإمارات ضربات جوية للحوثيين وقتل مدنيين في اليمن”.

من جهة أخرى، تذهب تاغس أنتسايغر إلى أن “اتفاقية السلاح لا تخدم فقط الولايات المتحدة، بل تحافظ أيضا على سلطة آل سعود وتضعف ألد أعدائها، حيث يبحث الملك سلمان عن دعم أقوى من الولايات المتحدة في حربه ضد إيران. وهو مستعد أيضا – على ما يبدو – للسماح بعودة القواعد العسكرية الأمريكية إلى بلاده، بعد أن تم إجلاؤها في عام 2003 بسبب المعارضة الداخلية في البلاد”.

الصحيفة لفتت أيضا إلى أنه “يُوجد مؤشر آخراً على التقارب بين آل سعود وآل ترامب ألا وهو تعيين الأمير خالد نجل الملك والبالغ من العمر 29 عاما سفيرا لبلاده في واشنطن”. وأخيرا، فإن الرياض “بحاجة إلى أسواق المال الأمريكية، إذا ما أرادت طرح حصة من شركة أرامكو في البورصة”، كما هو متوقع.

“تراجع الحماس للرئيس الجديد”

صحيفة لوتسرنر تسايتونغ الصادرة بتاريخ 22 مايو 2017، سلطت الضوء على زيارة ترامب لإسرائيل وأشارت إلى تضاؤل الآمال في لعب الرئيس الأمريكي الجديد دورا في عملية السلام في الشرق الأوسط بعد اكتشاف شخصيته المتقلبة.

الصحيفة التي تصدر بالألمانية في لوتسرن أضافت أن “الرئيس الأمريكي سرّب معلومات استخباراتية سرية مصدرها إسرائيل إلى موسكو، لكن رغم أخطائه فإن البعض يأمل في أن تنهي هذه الزيارة العصر الجليدي من العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ولا سيما أن ترامب وعد بأن لا يكون هناك قرار مناهض لإسرائيل في الأمم المتحدة وبنقل السفارة الأميركية إلى القدس”.

إضافة إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن “ترامب وعد أيضا بتقديم طرح جديد لإعادة إحياء عملية السلام وأعلن كل من الطرف الفلسطيني والإسرائيلي عن رغبته في اجراء محادثات مباشرة، لكن منظمة التحرير الفلسطينية تصر على تجميد بناء المستوطنات في المناطق المحتلة، في المقابل فإن حكومة نتنياهو مصممة على اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل كدولة يهودية”. ونقلت الصحيفة عن جريدة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قولها “لا يجب أن نتوقع توسط رجل متقلب مثل الرئيس الأمريكي في معاهدة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين”.

“توقعات وخيبة أمل”

في عددها الصادر بتاريخ 24 مايو 2017، رأت صحيفة بازلر تسايتونغ أن زيارة الرئيس الأمريكي “أيقظت أمالا كبيرة في إعادة إحياء عملية السلام، إلا أنه ترك الباب مفتوحا لكل الإحتمالات ولم يقطع وعودا صريحة على نفسه، حيث جاء خطابه غامضا دون التزامات واضحة”.

الصحيفة التي تصدر بالألمانية في بازل أشارت إلى أن ترامب “لم يؤكد على ​​حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير أو حل الدولتين ولم يُعلن عن موقف واضح من مسألة القدس الشرقية التي يطالب بها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية. كما أنه خيّب أمل الحكومة الإسرائيلية في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، كما وعد في حملته الإنتخابية”.

أما خيبة الأمل الأخرى فتمثلت – حسب  رأي الصحيفة – في “دعوة ترامب إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين دول الخليج وإسرائيل في حال تم إحراز تقدم في عملية السلام مع الفلسطينيي”، وأضافت بازلر تسايتونغ أنه “رغم وعد ترامب بالتوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلا أنه يجب عدم تجاهل حقيقة الفجوة بين مفاهيم طرفي النزاع عن السلام”.

“إيران.. العدو المُطلق”

في عددها الصادر يوم 23 مايو، خصّصت صحيفة لوتون افتتاحيتها للتعليق على جولة الرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط وقالت: “إن الرئيس الأمريكي لم يُضيّع أي فرصة سواء كان ذلك في الرياض أو في تل أبيب لتحديد عدوه الرئيسي ممثلا بإيران، التي تحدّاها باستمرار من خلال وصفها بالداعم الكوني للإرهاب”.

الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في لوزان لفتت إلى أن “هذا الأسلوب في اعتماد الرؤية الإسرائيلية – السعودية للعالم ليست مجرد صرعة رئاسية” بل ترتبط – حسب رأيها – بالصراع الإقليمي والدولي على اقتسام تركة تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي سيُهزم قريبا في الموصل والرقة “أقله في صيغته الحالية كـ (خلافة) تسيطر على أراض شاسعة”.

ففي الوقت الذي “دقت فيه ساعة اقتسام المكاسب، تنتقل إيران من حليف ضد الجهاديين إلى مُتسبّب في إذكاء (الفوضى)”، وفي هذا الصدد، ذكّرت “لوتون” بأن “ميليشيات مؤيّدة لإيران استُهدفت الأسبوع الماضي – وذلك للمرة الأولى – من طرف مقاتلات أمريكية في سوريا”، ما يعني – بحسب رأي الصحيفة دائما – أن “الحرب تشهد منعرجا حاسما، لا تشكل جولة دونالد ترامب منه سوى مجرد واجهة في الواقع”.

ترامب صانع سلام؟

في سياق آخر، ركزت صحيفة “لا ليبرتي” اهتمامها على رغبة الرئيس الأمريكي في تنشيط عملية السلام المجمّدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ عام 2014، حيث أفاد مراسلها في القدس أن “ترامب بصدد الإعداد لمبادرة سلام جديدة ترمي إلى وضع مفاوضات السلام بين الطرفين على السكة من جديد”.

الصحيفة التي تصدر في فريبورغ بالفرنسية، أوردت في عددها الصادر يوم 23 مايو الجاري على لسان قيادي فتحاوي في منظمة التحرير الفلسطينية التقى به مراسلها في فندق “أمريكان كولوني” في القدس الشرقية، قوله: “إجمالا، يود ترامب أن تُستأنف عملية السلام في غضون الأسابيع القادمة أو في بداية الخريف. وهو يرغب في أن تكون المفاوضات المقبلة قصيرة، ما بين 12 و16 شهرا، لا أكثر”.

ولكن ما هي حظوظ النجاح المحتملة لمبادرة ترامب المرتقبة؟ يقول المحلل السياسي الإسرائيلي عودي سيغال في تصريح لمراسل “لا ليبرتي”: “لا يتوقف الأمر على الإسرائيليين والفلسطينيين فحسب، يجب أن يُؤخذ الوضع الداخلي الأمريكي والتحقيقات الجارية حاليا في واشنطن بخصوص تدخل محتمل للروس في الحملة الانتخابية في الحسبان أيضا. لأنه لو كانت نتيجتها سلبية بالنسبة لترامب، فيُمكن أن يتوقع المرء أن تسقط مبادرته للسلام في الماء بشكل متزامن مع انهياره”.

“في الموصل.. حرب بلا أسرى”

يوم الجمعة 25 مايو، نشرت صحيفة “لوتون” تحقيقا ميدانيا عن سير المعارك في الموصل تحدث فيها مراسلها بوريس مابيّار عن “الإحتضار الدامي لتنظيم الدولة الإسلامية” ونقل فيه مشاهد حية عن “حرب بدون أسرى” حيث تمت محاصرة ما تبقى من مقاتلي التنظيم داخل أحياء المدينة القديمة التي لا زالت تؤوي عشرات الآلاف من المدنيين. ونقل المراسل عن العريف أول قاسم رحيم قوله: “لم يعد باستطاعتهم الهجوم، فيكتفون بالمقاومة”، وتبعا لذلك فإن “أسلحتهم المفضلة تتمثل في العبوات المتفجرة في المنازل والسيارات المفخخة والقناصة”، على حد قول عسكري عراقي آخر.

المراسل العائد للتو من الموصل، أرفق تحقيقه بافتتاحية حذر فيها من محاذير المرحلة المقبلة، حيث اعتبر أن “المتحاربين تجمّعوا في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” من أجل القضاء على العدو المشترك، إلا أن مصالحهم مُتباينة بل متناقضة”. لهذا السبب، فإن ما يتراءى في الأفق ليس سوى “إعادة رسم مؤلم للحدود القائمة”.

بشكل مفصّل، تطرق المراسل إلى طموحات كل طرف مشيرا إلى أن “الأكراد العراقيين – وبعد أن استعادوا بعض الأراضي من “الدولة الإسلامية” – قاموا بتعزيز حدودهم استعدادا لإنشاء دولة مستقلة”. أما الإيرانيون الذين “يُموّلون ميليشيات قوية في العراق”، فلا يُخفون اعتزامهم “إنشاء ممر شيعي يربطهم بسوريا بشار الأسد التي يُقيمون تحالفا معها”. وفيما تريد بغداد “إلحاق الهزيمة بالمتمردين السنة”، تعمل الأنظمة الحاكمة في دول الخليج على “الوقوف بوجه الطموحات الشيعية”. أما الأتراك، فيتحركون باتجاه “القضاء على حزب العمال الكردستاني وتأمين مصالحهم في المنطقة، وخاصة عن طريق حماية الأقليات التركمانية”. في الأثناء، يبدو أن “الأوروبيين والأمريكيين مستعدون للقيام بكل شيء (بما في ذلك المتناقضات) من أجل القضاء نهائيا على التهديد الإرهابي”.

في ختام الإفتتاحية، اعتبر بوريس مابيّار أن “العودة إلى الوضعية التي كانت سائدة قبل ظهور تنظيم الدولة الإسلامية غير مُتصوّرة لأن جميع الأطراف قامت – في نفس الوقت الذي كانت تُقاتل فيه – بتحريك بيادقها”، لذلك فإن “اختفاء (الخلافة) من الساحة لن يترك أيّ فراغ بل جثة ستتنازعها الوحوش”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية