مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“نكسة ثقيلة لمحمد بن سلمان” و”قنبلة موقوتة في إدلب” و”جدل في الجزائر حول رفع العلم الأمازيغي”

مجموعة من المسلحين يعتلون ظهر دبابة ويرفعون علما
أعضاء مسلحون تابعون لمجموعة جنوبية يمنية انفصالية يرفعون يوم 10 أغسطس 2019 علمًا انفصاليًا ويعتلون دبابة غنموها بعد اشتباكات مع القوات الحكومية في مدينة عدن الساحلية. وطبقًا للتقارير المتواترة، فقد تمكنت قوات انفصالية في جنوب اليمن، تحظى بالدعم من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة، من الإستيلاء، على جميع المواقع العسكرية التابعة للحكومة اليمنية المدعومة من قبل السعودية وذلك بعد أربعة أيام من القتال بين الجانبين في مدينة عدن. Keystone / Najeeb Almahboobi

هذا الأسبوع، اهتمت الصحف السويسرية بالتداعيات المترتبة عن سقوط عدن في يد الانفصاليين على السعودية والإمارات وبالتدهور المرتقب للأوضاع الإنسانية في منطقة إدلب في ظل تصاعد هجمات القوات التابعة لبشار الأسد فيها وتصميم تركيا على إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري بالإضافة إلى ظاهرة عودة شيوخ قطر والسعودية للإستثمار والإقامة مجددا في الأندلس والجدل المثار في الجزائر من طرف البعض حول رفع العلم الأمازيغي في المظاهرات الأسبوعية المستمرة منذ نحو ستة أشهر والمُطالبة برحيل رموز السلطة.

“قنبلة موقوته في إدلب”

في عددها الصادر يوم 14 أغسطس الجاري، اهتمت صحيفة “لوتونرابط خارجي” بتصاعد الضغط الذي تمارسه القوات التابعة للرئيس السوري على جيب إدلب شمال غرب البلاد غير بعيد عن الأراضي التي يستهدفها الجيش التركي لإقامة المنطقة الآمنة المرتقبة. وبعد أن تساءل كاتب المقال عما إذا كان الهجوم الأخير لقوات بشار الأسد يندرج في سياق عملية إعادة السيطرة على سوريا المُعلن عنها منذ أشهر، استعرض آخر التطورات الميدانية وخاصة استعادة الجيش السوري لبلدة الهبيط الواقعة جنوب مدينة إدلب من أيدي “هيئة تحرير الشام” الجهادية ومجموعات متمردة أخرى بعد معارك عنيفة أسفرت عن سقوط أكثر من ستين شخصا حسب تصريحات أدلى بها رامي عبد الرحمان، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره لندن) إلى وكالة الصحافة الفرنسية.

الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في لوزان، ذكّرت بأن إدلب التي يُسيطر عليها الجهاديون “هي آخر مدينة كبرى تُفلت من سيطرة قوات بشار الأسد”، ولفتت إلى أن استئناف الهجمات من طرف النظام السوري وحليفة الروسي منذ شهر أبريل الماضي أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص (من بينهم 810 مدني) حسب المرصد دائما وإلى تهجير أكثر من أربعمائة ألف نسمة حسب الأمم المتحدة. ونقل كاتب المقال عن فابريس بالانش، الخبير في الجغرافيا السياسية لسوريا القول بأن “النظام السوري والروس بصدد خلق قنبلة موقوته على المستوى الإنساني من خلال دفعهم للمدنيين نحو الشمال. فالمعارك ستطول وفيما يُمكن النوم تحت أشجار الزيتون في الصيف فإن ذلك سيكون أكثر صعوبة في شهر نوفمبر أو ديسمبر..” وأضاف الخبير الفرنسي أن “تركيا تتوجّس بشكل خاص من فصل الشتاء ومن وصول لاجئين على حدودها”.

تركيا التي تعتبر الطرف المهم الآخر في هذا الجزء من الأراضي السورية تسعى جاهدة منذ عدة أشهر إلى فرض إقامة منطقة آمنة على طول حدودها بعمق ثلاثين كيلومترا داخل الأراضي السورية – بهدف طرد “وحدات حماية الشعب”، وهي فصائل مسلحة كردية تشكل عناصرها العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” تعتبرها أنقرة مجموعة إرهابية، منها. ومع أن الولايات المتحدة التي تدعم وحدات حماية الشعب أرسلت بداية الأسبوع الجاري وفدا رسميا لمواصلة التفاوض حول إقامة “منطقة آمنة” في شمال سوريا بالتعاون مع أنقرة، إلا أن فابريس بالانش أكّد للصحيفة  أنه”لا زلنا بعيدين عن اتفاق، كل الوضع لا زال شديد الهشاشة، صبر أردوغان بدأ بالنفاذ بعد أن كان على أهبة البدء بالهجوم. لقد قام الأمريكيون بكل ما في وسعهم لنزع فتيل الأزمة من خلال الوعد بإقامة منطقة لخفض التصعيد لكن الأتراك هددوا بأنه في حال حدوث أي تأخير أو تحرك خاطئ فإنهم سيستخدمون القوة”.

في المقابل، اعتبر الخبير الفرنسي في الجغرافيا السياسية لسوريا أن النظام الحاكم في دمشق قد يترك المجال لأنقرة كي تستكمل إنجاز خطتها، ملفتا إلى أن منطقتي “إدلب والشمال الشرقي الكردي مترابطتان. فقد سبق للروس، حلفاء النظام السوري، والأتراك أن تفاوضا مطولا: فقد تسنى لروسيا استعادة أراض في الشرق مقابل الإمكانية المتاحة لتركيا للتدخل في الغرب والحيلولة بالتالي دون تواصل جغرافي لمناطق ييُسيطر عليها الأكراد. إن اتفاقا من نفس القبيل يجري تطبيقه حاليا في منطقة إدلب”.     

أخيرا، حذر فابريس بالانش في التصريحات التي نقلتها عنه الصحيفة من أن استمرار تواجد قوات أمريكية في شمال شرق سوريا – رغم ما يُوفره من حفاظ على مظاهر النظام في المنطقة – قد يُؤدي إلى تصلّب في مواقف الأطراف المعنية لأن “المشكلة تتمثل في أنه كلما طال بقاء الأمريكيين كلما زاد دعمهم للأكراد وكلما ازداد توجّه السكان العرب إلى تنظيم (الدولة الإسلامية) أيضا”، حسب تقديره.

سقوط عدن.. “نكسة ثقيلة لمحمد بن سلمان”

في عددها الصادر يوم 12 أغسطس الجاري، تناولت صحيفة بوته دير شفايتسرابط خارجي تداعيات سيطرة الانفصاليين على القصر الرئاسي في عدن ومستقبل الصراع الداخلي والتحالف الإقليمي في المنطقة. ورأت الصحيفة – التي تصدر بالألمانية في مدينة شفيتس – أن هذا التحرك العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي بدعم إماراتي كسر ما يسمى بالتحالف العربي وقرّب النهاية السياسية للرئيس عبد ربه منصور هادي كما وجه ضربة قوية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان لأنها بمثابة “نكسة كبيرة أخرى في صراع السلطة مع إيران حول الهيمنة الإقليمية”، حسب رأيها.

لكن هذا التطور لم يأت مفاجئًا ولا انهيار “التحالف العربي”، فبعد طرد الحوثيين من عدن، كانت هناك خلافات داخل قيادة التحالف. وفي حين سعت قوات الرئيس هادي لتحرير اليمن انطلاقا من الجنوب، دعمت الإمارات العربية المتحدة مجموعة من الميليشيات المحلية التي شكلت ما يُسمى “المجلس الانتقالي الجنوبيرابط خارجي” في ربيع 2017 ودعت إلى إنشاء دولة مستقلة في جنوب اليمن، كما كان عليه الوضع ما بين عامي 1967 و 1990.

منذ ذلك الحين، كانت هناك ثلاث حكومات في اليمن، واحدة تابعة للحوثيين وأخرى للرئيس هادي والثالثة للانفصاليين. وهذا الوضع أضعف موقف الرئيس هادي التفاوضي مع الحوثيين، الذين قالوا بدورهم إنه “فقد شرعيته بعد سقوط عدن”.

وفيما يُعدّ التطور المسجّل في اليمن “كارثة” بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فلا يُوجد شك في أن دولة الإمارات تشعر بـ “نشوة الانتصار” مع استيلاء الانفصاليين اليمنيين الجنوبيين على السلطة وإن كانت لا تقول ذلك بصوت عالٍ. ذلك أنه “لم يكن للشيوخ في أبو ظبي،  الذين سحبوا بدورهم قواتهم العسكرية من اليمن في الأشهر الأخيرة، أي مصلحة في استعادة وحدة الدولة اليمنية منذ البداية”، حسب الصحيفة.

الإمارات كانت مهتمة بالدرجة الأولى بالسيطرة على الساحل اليمني وموانئه، ولا سيما مدينة عدن، التي تشكل قاعدة استراتيجية. علاوة على ذلك، أقامت القوات الإماراتية على مدار العامين الماضيين قواعد عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية ذات الأهمية الاستراتيجية في مضيق باب المندب.

ووفقًا لشهود عيان، قالت الصحيفة إن “استيلاء” الانفصاليين على مدينة عدن حدث دون أي مقاومة تذكر، حيث تم السماح للمائتي جندي المتمركزين في “القصر الرئاسي” في عدن بالخروج بعد نزع سلاحهم. وأكد سكان المدينة الجنوبية في وقت لاحق قيام القوات الجوية السعودية بشن هجمات على مواقع بالقرب من الميناء. في الوقت ذاته، حث الانفصاليون نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، الشقيق الأصغر لولي العهد السعودي، على الانسحاب الفوري من المناطق التي احتلتها قوات سعودية في الأيام الأخيرة.

في هذه الأثناء، حذرت مجموعة الأزمات الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في الدولة الواقعة جنوب شبه الجزيرة العربية في حالة اندلاع “حرب أهلية أخرى في الحرب الأهلية المتأججة أصلا” في جنوب اليمن.

 “هل رفع العلم الأمازيغي جريمة؟”

في عددها الصادر يوم 11 أغسطس الجاري، تناولت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ رابط خارجيقرار محكمة جزائرية يقضي بإطلاق سراح الشاب الجزائري نذير فتيسي بعد رفعه العلم الأمازيغي خلال مشاركته في مظاهرات ما يعرف بالحراك الشعبي. وسبق أن تم إلقاء القبض على فتيسي في أوائل شهر يوليو الماضي مع آخرين ووجهت له اتهامات بتهديد الوحدة الوطنية بسبب رفعه العلم الأمازيغي. وأشارت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ إلى أنه تم رفع العلم الأمازيغي إلى جانب الجزائري في العديد من المسيرات في شوارع المدن الجزائرية – وليس فقط في المناطق، التي يغلب عليها البربر – فالعلم الأمازيغي هو في المقام الأول رمز للثقافة والهوية وحقوق الأقلية البربرية، التي يتحدث بها حوالي ربع السكان في الجزائر. وتقول إحدى المحاميات للصحيفة: “إنه مرتبط أيضًا بالسعي إلى الديمقراطية وسيادة القانون”.

لكن منذ منتصف يونيو 2019، أعلن أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، أنه من الآن فصاعدًا لم يعد يُسمح برفع أعلام أخرى غير العلم الجزائري في المظاهرات، مبرراً ذلك بمنع أي قوى دخيلة من اختراق المظاهرات. ومنذ ذلك الحين، استهدفت قوات الأمن المتظاهرين الذين يحملون العلم الأمازيغي. وتم القبض على عدة أشخاص.

المحامون الجزائريون انتقدوا بشدة تصرفات السلطات وأشاروا مرارًا إلى أنه لا يوجد قانون في الجزائر يحظر التلويح بأعلام أخرى. وترى المعارضة أن هذا القرار تقف وراءه دوافع سياسية، متهمة الحكومة بمحاولة دق إسفين بين المتظاهرين. وفي تصريحات للصحيفة، أشار المحامي زرقين إلى أنه “كانت هناك عدة محاولات لتقسيم حركة الاحتجاج” وأضاف أما “الآن فهم يلعبون بورقة الاختلافات العرقية”، لكن الحركة الإحتجاجية “لا تزال متحدة بقوة، حيث يشارك عشرات الآلاف من الناس في المسيرات الاحتجاجية السلمية منذ شهور”، حسبما جاء في الصحيفة.

“عودة الأمراء العرب بدفتر الشيكات إلى الأندلس”

في عددها الصادر يوم 14 أغسطس الجاري، عادت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغرابط خارجي للحديث عن غرناطة التي طالما كان لها سحر خاص في العالم العربي، حيث كانت آخر معقل إسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية، حتى رحيل آخر ملوكها عنها عام 1492 باكياً الجنة المفقودة التي خلفها وراءه، أما في السنوات الأخيرة، فقد عاد العديد من الشيوخ العرب إلى الأندلس ولكن “مدجّجين هذه المرة بدفتر شيكات ليخلطوا أوراق اللعب مرة أخرى”، حسب قول الصحيفة التي تصدر بالألمانية في مدينة زيورخ.

الصحيفة أشارت إلى أن قصر الحمراء في الأندلس يجتذب نحو 2.7 مليون سائح سنوياً، وأضافت أن “البعض وقع في حب هذا المكان بعبقه التاريخي لدرجة رفض مغادرته هذه المكان”، ومن بين هؤلاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الذي اشترى مؤخراً قصر ” Carmen de San Agustín ” الشهير المطل مباشرة على قصر الحمراء والمدرجات الخضراء والسلاسل الجبلية.

مع ذلك، فإنه ليس أول المستثمرين في الأندلس، فقد جاء الكثير من الأمراء العرب إلى المنطقة لشراء عقارات فاخرة وأراض لتربية الخيول والصقور ولنشر اليخوت الفارهة أمام فيلاتهم في منطقة ماربيلا السياحية. ليس هذا فحسب، بل إن أميراً سعودياً اشترى نادي ألميريا لكرة القدم. في السياق، لفتت الصحيفة إلى أن السعوديين كانوا أول العائدين إلى الأندلس، حيث تقضي العائلة المالكة منذ سبعينيات القرن الماضي إجازاتها هناك. كما يتمتع السعوديون بنفوذ كبير هناك لدرجة أنه “تم إجلاء شاطئ منتجع بويرتو بانوسرابط خارجي خلال الصيف الماضي لأن أحد الأمراء أضاع مفتاح سيارته اللامبورغيني في الرمال”، كما تورد الصحيفة.  

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية