مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“حلم حقّ العودة قد مات منذ زمن” .. و”تسامح الإمارات للدعاية الخارجية”

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بزيارة البابا لدولة الإمارات وبقصة أحد السويسريين المصريين وصراعه مع السيسي، وكذلك في الوضع في العراق وارتباطه بالصليب الأحمر، وبحق العودة للفلسطينيين وتداخلاته مع الأونورا. swissinfo.ch

تناولت الصحف السويسريةالصادرة في الأسبوع المنصرم بالدراسة والتحليل العديد من القضايا العربية مثل زيارة البابا فرنسوا إلى دولة الإمارات العربية ورصيد هذه الأخيرة في مجال حقوق الإنسان، وحق العودة لدى الفسطينيين المهجّرين في الشتات، والأزمة المتشعبة والمستحكمة في العراق، بالإضافة إلى ما يعانيه المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر في ظل نظام الماريشال السيسي.



صحيفة “لوتون”، تصدر بالفرنسية في لوزان، 2019

“الإمارات، التسامح على المقاس”

تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة “لوتون” مقالا يوم الأربعاء 6 فبراير بمناسبة اختتام البابا فرانسوا لزيارته التاريخية إلى الإمارات العربية المتحدة، هذا البلد الخليجي الذي أراد بإستقباله للزعيم الديني المسيحي إبراز تمسّكه بإسلام معتدل. لكن هذه الزيارة كانت أيضا مناسبة للصحافة العالمية لتسلّط الضوء عن الأوجه المظلمة لهذه الإمارات الغنية.

وتقول الصحيفة إن “دعوة البابا لزيارة الإمارات تأتي في سياق اختيار المسؤولين في هذا البلد للتسامح، كشعار لعام 2019”. و”يجد شعار الإعتدال اهتماما كبيرا في هذا البلد”، كما تضيف الصحيفة السويسرية، إذ تخصص الإمارات وزارة خاصة للتسامح، وميثاقا وطنيا يعبّر عنه، ومهرجانا سنويا خاصا، بل إن أحد الجسور الهامة في الإمارات يطلق عليه “التسامح”. ثم نجد في الإمارات العشرات من الكنائس المسيحية، ومعابد يهودية تشتغل بصمت وبعيدا عن الأضواء.

لكن كل هذه المبادرات، تقول الصحيفة هي “للإستهلاك الإعلامي وللدعاية الخارجية، وموجهة للنخب الغربية صانعة القرار. أما في الداخل، فالواقع مختلف”.

على المستوى السياسي، “يُعتبر قادة الإمارات ألدّ الأعداء للتعددية السياسية، ذلك أن كل معارضي النظام يقبعون في السجون والمعتقلات، سواء كانوا أعضاء في حزب الإصلاح الإسلامي أو من الليبراليين المدافعين عن نظام ملكي دستوري. وآخر ضحية لهذه القبضة الاستبدادية الحديدية المدافعون عن حقوق الإنسان وفي مقدمتهم المواطن أحمد منصور، المدافع الشرس عن حقوق الإنسان في الإمارات، والذي حكم عليه في شهر مايو 2018 بعشر سنوات سجنا”.

وكل المحاكمات التي اتهم فيها مواطنون إماراتيون ب “التآمر” و”التخريب”، و”تهديد الوحدة الوطنية” او “إشاعة اخبار كاذبة”  وصفتها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش” ب”المحاكمات الصورية التي لم تتوفّر فيها أدنى ضمانات العدالة”. أما في السجون العلنية والسرية، “فالتعذيب وإساءة المعاملة مسألة شائعة على نطاق واسع”، تنقل الصحيفة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية، التي تذكر أيضا حالات الإختفاء القسري الكثيرة المسجلة في هذا البلد الخليجي.

المؤسف بحسب الصحيفة السويسرية، أنه و”منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في عام 2011، بدأت بعض بلدان الخليج ترى الخطر يتهددها من كل مكان، فضاعفت من عمليات الإضطهاد، وقد شمل ذلك حتى الرعايا الأجانب، وكمثال على ذلك، تذكر الصحيفة حالة الشاب البريطاني ماثيو هيدج، الباحث في مجال السياسات الأمنية، والذي حكم عليه بالسجن المؤبّد بتهمة التخابر، قبل أن يتم العفو عنه، وكذلك تطوير الإمارات العربية لأنظمة رقمية متطوّرة في مجال الجوسسة والقرصنة المعلوماتية، على حدّ التقارير الموثّقة التي نشرتها رويترز مؤخرا.

سويسري يصارع نظام السيسي  

نشرت صحيفة “لوتون” يوم الثلاثاء 5 فبراير تقريرا ذكرت فيه أن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر تعرّضوا إلى مضايقات في بلادهم بعد أن حضروا لقاءً دعاهم إليه الرئيس الفرنسي إيمانيال ماكرون خلال زيارته الأخيرة إلى مصر. وتوقّفت الصحيفة على وجه الخصوص عند حالة محمد لطفي السويسري المصري، الذي بادر خلال اللقاء مع الرئيس الفرنسي إلى تعداد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر في ظل نظام الماريشال السيسي: تعذيب وقتل واضطهاد واختفاء قسري، وتطرّف وتشدد داخل السجون…الامر الذي دعا السلطات لتتبعه ومضايقته. لكن لطفي لم يعر أهمية كبرى لذلك متسلحا بالأمل في غد افضل، تقول الصحيفة.

ومما يأمله لطفي أيضا هو أن “تعير فرنسا أهمية إلى أوضاع حقوق الإنسان خلال تعاملها السياسي والتجاري مع النظام المصري”، وتنقل عنه قوله: “إذا كانت فرنسا ولابد أن تبيع السلاح إلى مصر، فلتفعل ذلك ولكن مع المجاهرة بانتقاد الانتهاكات التي يرتكبها النظام المصري في مجال حقوق الإنسان”.

وتذكر الصحيفة أن محمد لطفي الذي ينتمي إلى عائلة دبلوماسية سبق أن أقام في جنيف، ودرس في سويسرا، وحصل في عام 2006 على الجنسية السويسرية، وفي “بلد جبال الألب تعلّم الإقرار بحق الاختلاف وبمبدأ التعددية، أمران ترى فيهما سلطات القاهرة خطرا يجب مقاومته”. وتذكر الصحيفة أن لطفي الذي دأب على الإقامة في بريطانيا في السنوات الأخيرة عاد إلى مصر بعد ثورة مارس 2011، لكن تفاؤله وما كان يخطط له سقط في الماء بعد انقلاب 2013 ضد نظام الرئيس محمد مرسي.

لقد كان لطفي كما تذكر الصحيفة “شاهد عيان على قمع الشرطة والجيش لمؤيدي حركة الإخوان الذين كانوا في السلطة، وظل المدافعون عن حقوق الإنسان عاجزين عن فعل أي شيء أمام المذبحة التي كانت تجري أحداثها أمام أعينهم في ساحة رابعة العدوية”.

هذه الوقائع تقول الصحيفة دفعته إلى تأسيس منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان وتركيز النشاط على وجه الخصوص في مجال الاختفاءات القسرية التي ترتكبها أجهزة الأمن المصرية: “خلال الليْل والنهار، يتعرّض مواطنون مصريون إلى الإيقاف والاعتقال من دون أي محاكمات، ويلقى بهم في السجون، بعضهم يعثر عليه في هذا المعتقل أو ذاك، وبعضهم لا يظهر له أي إثر أبدا”.

أمام هذا الوضع، لا يبقى أمام المدافعين عن حقوق الإنسان على حد قول محمد لطفي “سوى التسلّح بالأمل، المصدر الوحيد الذي نستمدّ منه قوّتنا”.

الحل في العراق يمر عبر الصليب الأحمر

نشرت صحيفة “لوتون” يوم الثلاثاء 5 فبراير أيضاً وتحت ركن “وجهة نظر” مقالا للنائب البرلماني السويسري كلود بيغلي، والذي قدّم فيه خلاصة ما توصّل إليه بعد قيامه بزيارة إلى العراق برفقة بعثة خاصة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

يبدأ هذا النائب السويسري مقاله بالتأكيد على أن تتحوّل “مساعدة العراق على تجاوز مشكلاته إلى أوّلوية للمجتمع الدولي. وبالتالي للجنة الدولية للصليب الأحمر، بوصفها إحدى الأدوات الفاعلة للمجتمع الدولي”. وتتأتى هذه الأولوية من كون أن “العراق اليوم يمرّ ب”أزمة مطوّلة ومعقّدة يختلط فيها انعدام الامن، بالمخاطر الصحية، والركود الاقتصادي، وضعف المؤسسات الاقتصادية”. أما الحل فيمرّ بحسب صاحب المقال “بتمديد ولاية ومهمّة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بلاد الرافديْن”.

اختيار اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإخراج العراق من الازمة المستحكمة فيه منذ عقود لأسباب الكل يعرفها (الحروب المتكررة، الغزو الخارجي، الحرب الطائفية، الإرهاب والحركات الانفصالية…) هو أن هذه اللجنة كانت من المنظمات الدولية القلائل التي ظلت موجودة وناشطة في العراق منذ انطلاق الأعمال العدائية في هذا البلد في بداية الثمانينات، وتوفّرها على مئات المبعوثين على عين المكان بالإضافة إلى أزيد من ألف متعاون محلي، يواصلون تقديم مساعدات استعجالية طارئة (الخيام والمواد الغذائية والعلاجية) للنازحين والمعتقلين وللأسر التي تبحث عن مفقودين.

كذلك تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحثّ جميع الأطراف المتنازعة على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني ونصوص اتفاقيات جنيف الأربع، وتتعاون من أجل الترويج لثقافة السلم مع السلطات الرسمية والقضاء والمراجع الدينية والمؤسسات الأهلية. فاللجنة الدولية هي المؤهلة للقيام بذلك لما تتميّز به من حياد وتكتّمن ولما تمتلكه من خبرة في تسهيل الحوار بين المتنازعين.

فهذه الأخيرة بيدها الحل في العراق على المدى البعيد لكونها “تسعى إلى مساعدة السكان على الاعتماد على أنفسهم: فهي تساعد مربي الماشية، والمزارعين، والتجار، وأصحاب الحرف إما عبر التدريب والتكوين، او بمدهم بالبذور، أو عبر مساعدتهم في ري حقولهم، او كذلك عبر تمويل المشاريع الصغرى، أو مساعدات لإعادة ترميم منازلهم التي دمّرتها الحرب.

إن من شان كل هذه التدخلات، على حد قول النائب السويسري: “المساعدة في انعاش الاقتصاد المحلي، ومساعدة الأفراد على الوقوف على أرجلهم، وتضميد الجروح البدنية والنفسية التي تركتها المآسي التي مرت بالعراق لمدة ثلاثة عقود”.

 

صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”، تصدر بالألمانية في زيورخ، 6 فبراير 2019

نشرت الصحيفة يوم الأربعاء 6 فبراير مقالة بهدف تمحيص الحقائق حول أوضاع الفلسطينيينرابط خارجي في أماكن تواجدهم حول العالم وحول حق العودة. تحت عنوان يلخص رأي كاتب المقالة مفاده “حلم حق العودة مات منذ زمن بعيد”. بعد أن يرسم مراسل الصحيفة في بيروت صورة محزنة وكئيبة عن شاتيلا، أحد المناطق التي يعيش فيها الفلسطينيون منذ زمن واليوم ويشاركهم فيها اللاجئون السوريون. يبدأ الصحفي بسرد قصة أحد الفلسطينيين الذين يعيشون في شاتيلا، يصف مدخل بيته وشرطان الكهرباء والحالة المزرية للحي وللبناية بشكل خاص. الرجل ولد في المخيم ويعيش إلى اليوم هناك ويراقب الوضع يزيد سوء، وابنته توافقه الرأي، حيث تجارة المخدرات والأسلحة تزداد وتغيب البنية التحتية تقريباً بشكل كامل. رب البيت مهني في تصليح المكيفات، لم يكن بإمكانه دراسة الهندسة لأنّ ذلك القسم من الدراسة إلى جانب الطب والمحاماة من الأقسام المحظورة على الفلسطينيين، وكذلك أبنائه يعانون من نفس المعضلات القانونية وإن لم توجد تعويضا عنها المشاكل الاجتماعية. فمع أنّ ابنه استطاع دراسة المعلوماتية لن يستطيع العمل بشكل نظامي لأن النقابة لا تعترف به ومن ثم يكون مرتبه متدني جدّاً.

ومع الوضع بعين الاعتبار ذلك الوصف لشاتيلا وتلك الحالة الاجتماعية لسكانها، يصبح حلم الخلاص من هذا الوضع ليس بالعودة إلى فلسطين وطن الأجداد ولكن بالهجرة إلى اسبانيا بمساعدة بعض المكاتب السياحية هناك التي تأخذ ما يقارب 10.000 دولار للشخص الواحد. هذا ما يدور في ذهن الأبناء هناك، لم يعد الحلم بالعودة إلى أرض الأجداد كما كان لدى الآباء. ويذكر الصحفي بعض الاقتباسات للشباب هناك مخاطبين آبائهم، مثل “لقد قاتلتم إلى الآن ولم تصلوا إلى أيّ نتيجة”. ربما يكون من الممكن زيارة أرض الأجداد في نهاية المطاف عند الحصول على جواز سفر أوروبي، يضيف الصحفي.

بعض الحقائق ودور الأونروا

هناك 473.000 لاجئ فلسطيني في لبنان، ويعيش منهم 174.000 في مخيمات اللاجئين الفلسطينية، 30.000 منهم قادمون من سوريا بسبب الحرب الدائرة هناك منذ 2011، بحسب ما نقلت الصحيفة عن الأونروا، التي لم تنجح منذ تأسيسها عام 1949 في تحقيق هدفها في دمج اللاجئين الفلسطينيين في المجتمعات المحلية حيث يعيشون، حيث قاومت ما تسميها الصحيفة بالقيادة هذا الاندماج خوفاً من أن ينسى الفلسطينيون أرض أجدادهم. وهكذا غيرت المنظمّة الدوليّة استراتيجيتها وأصبحت تركز على إدارة المراكز الصحية والمدراس، ما سمح للمعلمين والمعلمات الفلسطينيين بتمرير الأفكار الوطنية إلى الأجيال القادمة، بحسب الصحيفة، وتضيف بأنّه لم يكن مرحباً بهم في البلدان المضيفة لهم كمصر ولبنان والأردن وسوريا كعامل لاستمرار التفكير والتمسك بحق العودة. وذلك لم يتغير رغم الاتفاق الأخير على سبيل المثال في لبنان عالم 2005، وينص على أن إعطاء الفلسطينيين حقوقه المدنية لا يتناقض ولا يقف بوجه عودتهم إلى فلسطين. وسبب فشل هذه الجهود الأخيرة يعود بحسب الصحيفة إلى عاملين: أولاً الحكومة الجديدة المنتخبة في يناير الماضي وثانياً سياسة ترامب الداعية إلى توطين الفلسطينيين حيث وجدوا بشكل دائم. فبالنسبة للكثير من الفلسطينيين وبحسب الصحيفة التي تقتبس من أحدهم قائلاً: “حلم حقّ العودة قد مات منذ زمن”.

سوريا كمثال جيد

بحسب جابر سلميان، أحد المهتمين بالمسائل الحقوقية لوضع الفلسطينيين في لبنان والذي يرى بأنّ الأونروا قد لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية الفلسطينية في بلدان اللجوء العديدة، فإنّ سوريا مثالاً جيداً لطريقة التعامل مع الفلسطينيين المهجرين، حيث يرى بأنّ هناك تمّ التعامل معهم بمساواة ولكن بدون اعطائهم الجنسية. ويستشهد كاتب المقالة بسيدة فلسطينية سورية، فهي توافق جابر الرأي وتضيف مجيبة على سؤال الصحفي إن كانت تريد العودة إلى فلسطين فتقول: “اسألني إن كنت أريد العودة إلى سوريا، فأنا أحبها أكثر من العودة إلى فلسطين”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية