مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“صفقة القرن” أم “صفعة القرن” أم “مؤامرة القرن”؟

الرئيس الأمريكي يُصافح رئيس الوزراء الاسرائيلي
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (على اليمين) يُصافح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 28 يناير 2020 في القاعة الشرقية للبيت الأبيض وكشف فيه عن تفاصيل خطته للسلام في الشرق الأوسط. Keystone / Michael Reynolds

كما كان متوقعا، استأثر إعلان الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع عن تفاصيل ما سمي بـ "صفقة القرن" بحضور رئيس الوزراء الإسرائلي في واشنطن باهتمام الصحف السويسرية التي خصصت افتتاحياتها ومقالات الرأي فيها للتعليق على هذا الحدث وتحليل أبعاده.

في عددها ليوم 28 يناير الجاري، تابعت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض وبالخطاب الذي وجّهه ترامب إلى الفلسطينيين، في سياق ما يسمى بـ “صفقة القرن”. وفي سياق التغطية، نشرت تعليقا لمراسلة الصحيفة من روما أندريا شبالينغيررابط خارجي، استهلته بعنوان يختصر رأيها بهذه الصفقة، ومفاده “خطة ترامب في الشرق الأوسط لن تجلب السلام”.

“خطة ترامب تضمن بشكل واضح واحادي الجانب المصالح الإسرائيلية، وتأخذ بالكاد مطالب الفلسطينيين بعين الاعتبار، حتى الدولة الفلسطينية الموعودة ستكون سيادتها محدودة”، كما تقول شبالينغير، وتذكر بوعود ترامب “الجريئة” التي قدمها عند استلامه للسلطة، لحلّ هذا النزاع رغم علمه بفشل أسلافه في ذلك، مستنداً إلى “قدرته كرجل أعمال” على المناورة وعقد الصفقات.

الصحفية المختصة في التاريخ والقانون الأوروبي والدولي ترى أن هذه الصفقة لن تؤدي إلى إحلال السلام، بل اعتبرت أن ما قدمه ترامب في خطته كان مجرد تبنّ لمصالح إسرائيل بالكامل، وتجاهل لمطالب الفلسطينيين، “ولم يكن مبنيّاً على تقديم التنازلات من الطرفين”، كما تقول.

“حل الدولتين وهمي”

تضيف شبالينغير: “صحيح أنّه سيتم الاعتراف بالضفة الغربية كدولة مستقلة للفلسطينيين، إلّا أن سيادتها ستكون محدودة”، حيث ستكون مراقبة الحدود وإدارتها بأيدي الإسرائيليين. كما يجب على الحكومة الفلسطينية الاعتراف بإسرائيل ونزع السلاح من المجموعات “المتشددة مثل حركة حماس”، كما تقول الصحفية، مضيفة أن اتفاق ترامب “لا يأخذ حقّ العودة بعين الاعتبار”.

“باختصار يحصل الإسرائيليون على قطع كثيرة من الكعكة ولا يحصل الفلسطينيون إلّا على بعض الفتات”، كما ترى شبالينغير أنّه من غير الواضح ما هو المُغري في هذه الصفقة بالنسبة للفلسطينيين، الذين غادروا طاولة الحوار منذ اعتراف واشنطن بالقدس كعاصمة لإسرائيل. لذا “فلن تجلب هذه الخطة السلام للمنطقة، بل على العكس من ذلك، قد تجلب توتراً جديداً وتقود إلى إشعال الانتفاضة من جديد”. أما الحكومة الفلسطينية فقد علقت التعاون مع إسرائيل في المجال الأمني “فليس لديها أدوات ضغط أكثر سلمية من هذا”.

سند “للصديق” نتنياهو

أندريا شبالينغير لفتت أيضا إلى توقيت إعلان ترامب عن خطته قبل أسابيع من موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في إسرائيل، وهو “ما يجعل المرء يعتقد بأنّ ما قام به ترامب كان الهدف منه ليس تحقيق السلام وإنّما دعم نتنياهو”، الذي يُواجه في داخل بلاده هجوماً عنيفاً نتيجة فضائح فساد، ويصارع بكل قواه من أجل الظفر بفترة حكم جديدة، كما أن ترامب حرص “على مساندة الرئيس الذي يُمارس عليه هذا الضغط من خلال إطلاق تصريحات مؤيدة لإسرائيل، حيث أنّ اتفاق سلام من هذا القبيل يحقق أحلى أحلام اليمين الإسرائيلي، وسيكون – بالنظر إلى الوضع الحرج الذي يمر به – حاسماً هذه المرة”.

القادة العرب لا يخشون إسرائيل بل إيران ومواطنيهم

في عددها ليوم 29 يناير الجاري، نشرت نفس الصحيفة الصادرة بالألمانية في زيورخ تعليقاً لكريستيان فايسفلوغ، المختص بالشرق الأوسطرابط خارجي، تناول بدوره ردود الأفعال على خطة ترامب، التي كانت ستؤدي حسب زعمه إلى “اندلاع حرب في الشرق الأوسط لو أنّها جاءت في زمان سابق”، ولكن “القادة العرب لا يخشون اليوم إسرائيل بل إيران ومواطنيهم، حيث تمثل فلسطين اليوم بالنسبة لهم حملاً زائداً”، على حد قوله. 

فايسفلوغ أجرى مقارنة بين ردود فعل الدول العربية المتواضعة اليوم على خطاب ترامب، الذي “يملي فيه على الفلسطينيين خطة إسرائيل للسلام”، مع ردة فعل الجامعة العربية عام 1979 على “تجرّء أنور السادات على عقد معاهدة سلام مع إسرائيل”، حيث علقت عضوية مصر وفرضت مقاطعة اقتصادية عليها، أمّا اليوم فقد “حضر سفراء البحرين وعُمان والإمارات العربية المتحدة شخصياً هذا الإعلان في واشنطن”، بل “تحدث السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة عن “خطة جادة” و”نقطة انطلاق مهمة” للمفاوضات المستقبلية تحت الوساطة الأمريكية”، حسب تعبيره.

فايسفلوغ أقرّ أيضا بعدم مساندة أي دولة عربية لخطة ترامب بشكل صريح إلا أنه لفت أيضا إلى أنه “لم يصدر من أيّ منها نقد حاد لها، حيث جاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية على سبيل المثال “أنّ المرء يقدر جهود ترامب من أجل خطة سلام شاملة”، في حين دعت مصر الإسرائيليين والفلسطينيين إلى “دراسة الخطة بعناية”، “أمّا جامعة الدول العربية فقد دعت إلى عقد اجتماع طارئ، ولكن يوم السبت (1 فبراير) وعلى المستوى الوزاري فقط”. كما أشار الصحفي السويسري إلى أن أعنف وأوضح ردود الأفعال من الدول العربية جاءت من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي حذّر من “عواقب خطيرة لأي إجراءات إسرائيلية وحيدة الجانب”، إلا أن فايسفلوغ يستدرك مشيرا إلى أن “القيادة الأردنية مُجبرة على التدخل، حتى وإن كان الأمر يقتصر على الكلام”، حيث أن “أغلبية الشعب الأردني من أصول فلسطينية”، كما يقول.

يعوز العرب القوة القتالية

لا يتردد فايسفلوغ في تسليط الضوء على أوضاع البلدان العربية اليوم، التي وصفها بالضعيفة اقتصادياً وعسكرياً، لكي يبرر ردود الأفعال المتواضعة على خطة ترامب، وهو يعزو ذلك الضعف إلى عوامل من أهمها:  عدم اعتماد الولايات المتحدة على النفط، وتفكك الاتحاد السوفياتي، الذي كان يصدر الأسلحة لمصر وسوريا، “ما تسبب بالحروب السابقة مع إسرائيل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي”، حسب زعمه. بالإضافة إلى حصول “الثورة الإسلامية في إيران”، حيث “لا تبحث السعودية والإمارات العربية المتحدة اليوم عن مواجهة مع إسرائيل بل تقودان حرباً بالوكالة على الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران”، بالإضافة إلى اعتمادهما في ذلك على “الدعم الأمريكي والبريطاني”.

في معظم البلدان العربية، واجهت الأنظمة الحاكمة حركات الاحتجاج بالقمع، وقد قام نظام الأسد في سوريا، الذي كان يعتبر نفسه دائمًا رائدًا في المقاومة المعادية للصهيونية، فجأة بشن حرب ضد شعبه، فاضطر حوالي نصف المواطنين إلى الفرار وقتل أكثر من 400 ألف نسمة، وتبعا لذلك فإنه “من غير الواضح كيف سيتسنى له الحديث في المستقبل عن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعوب، بأي حق أخلاقي؟”. 

رغم كل شيء، يذهب فايسفلوغ إلى أن “ردود الفعل المتواضعة للدول العربية لا تعني أن إسرائيل وصلت برّ الأمان، فحتى الآن لم يكن السلام ممكناً إلّا مع دولتين عربيتين، مصر والأردن. فليست المشاعر العربية تجاه إسرائيل هي التي تغيّرت، بل الظروف التاريخية والتبعيات والأولويات الوطنية، وهذه يمكن أن تتغير مرة أخرى مستقبلا بنفس السرعة التي تمت بها في الماضي”.

“خطة تتطلب استسلام الفلسطينيين”

بدورها، نشرت صحيفة تاغس أنتسايغير يوم 29 يناير الجاري رأياً بعثت به مراسلتها في الشرق الأوسط أليكساندرا فوديرل شميدرابط خارجي، تحت عنوان “خطة ترامب للسّلام تتطلب استسلام الفلسطينيين”، أوضحت فيه أنه لم يسبق أبداً وأن قدم رئيس أمريكي مثل هذه الخطة أحادية الجانب، مضيفة أن لدى الفلسطينيين كلّ الحق للشعور بالعزلة. وتقول: “من خلال خطته، قدم دونالد ترامب مساعداته الانتخابية لصديقه بيبي، كما يطلق هو على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.

ومع أن الخطة تتحدث عن حل الدولتين، إلّا أن فوديرل شميد ترى أنه أنّها “لا تخدم سوى مصالح إسرائيل”. يُضاف إلى ذلك، أن جميع المستوطنات – التي يعتبرها المجتمع الدولي مخالفة للقانون الدولي – ستصبح جزءًا من أراضي إسرائيل، “الأمر الذي قد يُضفي الشرعية على عملية خرق للقانون لأعوام”. وهو ما يدفع الصحفية للقول: “بناء على هذا، لم يتبق للفلسطينيين ما يمكّنهم من بناء دولة خاصة بهم”، ثم تتساءل: “كيف يُمكن أن تكون القدس “عاصمة غير مقسّمة” لإسرائيل وأن تكون القدس الشرقية في الوقت نفسه عاصمة لدولة فلسطينية؟” وتضيف: “هذا واحد فقط من العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة. وقد قدمت الوعود للفلسطينيين بإقامة مفاوضات، وبتقديم المليارات من الدولارات، لكن يبقى بإمكان إسرائيل أن تنفذ عملية الضم (للمستوطنات) متى شاءت، وهذا بالضبط ما أعلنه نتنياهو”، كما تقول شميد.

الخطة تزيد من حدة التوتر في المنطقة

تضيف فوديرل شميد بأنّ نتنياهو يتعرض اليوم لضغوط داخلية من طرف الائتلاف اليميني الذي يُطالب بالضم، وحتى الآن، عارض المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت أن تقوم حكومة انتقالية باتخاذ مثل هذه القرارات ذات الأثر بعيد المدى، والسؤال الوحيد، بالنسبة للصحفية هو ما إذا كان نتنياهو “سيمتثل للحدود التي تفرضها دولة القانون أم لا”.

بالإضافة إلى العلاقات المتوترة بالفعل بين إسرائيل والأردن التي لن تزداد إلّا توتّراً بداية من هذا اللحظة، لأسباب عدة “يتمثل أولها في الدور الذي تلعبه المملكة كحارس للأماكن المقدسة في القدس الشرقية، وثانيها في الضم المخطط له لغور الأردن وثالثها في التنصيص على إلغاء الاعتراف بحق العودة للفلسطينيين، حيث يعيش حوالي مليوني فلسطيني في الأردن”، فإن الخطة ستؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة بشكل عام، كما تقول فوديرل شميد، 

يبقى أن الأمر “متوقف الآن على ردود أفعال الفلسطينيين”، كما سيتعيّن على الدول العربية أيضًا “إظهار موقفها بمواصلة الدعوة لدولة فلسطينية ودعم القيادة في رام الله في مساعيها”، وتختتم فوديرل شميد مقالتها بإلقاء اللوم على أوروبا حيث أن “دول الاتحاد الأوروبي متهمة بعدم اتخاذ أي خطوات ملموسة لتنفيذ حل الدولتين لسنوات، لذا فلدى الفلسطينيون كل الحق بالشعور بالعزلة”.

ما الذي سيتبقى بعد 25 عاما؟

يوم الثلاثاء 28 يناير الجاري، تساءلت صحيفة 24 ساعة (تصدر بالفرنسية في لوزان): هل ستكون “صفقة القرن” لترامب هدية انتخابية إلى نيتنياهو؟ وفي اليوم الموالي، ذهبت “لوتون” ((تصدر بالفرنسية في لوزان) إلى أن “دونالد ترامب يمنح إسرائيل صكا على بياض للإستيلاء على الأراضي الفلسطينيةرابط خارجي“، في حين أكدت “تريبون دو جنيف” (تصدر بالفرنسية في جنيف) أن “خطة سلام” ترامب تُسعد نيتنياهورابط خارجي. ويوم الخميس 30 يناير، قالت “لا ليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) إن خطة ترامب لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني “تفتح الطريق بوجه ضم أراض محتلة”، ورأت فيها “انتصارا لليمين الإسرائيلي”. أما لا تريبون دو جنيف، فعنونت: “صفقة القرن” حسب ترامب تُصبح “صفعة القرن” للفلسطينيين.رابط خارجي

هذا على مستوى العناوين، أما في التعليقات فقد كتب باسكال بايريسفيل في “لا ليبرتي”رابط خارجي مشيرا إلى توصيف محمود عباس لما حدث في واشنطن بـ “مؤامرة القرن لتصفية القضية الفلسطينية”، أن “السلطات الفلسطينية استخدمت المدفعية الثقيلة للتنديد بإعلان الحرب الذي تُمثله، حسب رأيهم، الخطة الأمريكية التي تم الإعلان عنها” يوم 29 يناير الجاري.

يواصل بايريسفيل قائلا: ” “صفقة القرن” هذه، كما يُنظر إليها من واشنطن، تنطلق من الفكرة القائلة بأن الزمن (26 عاما مرت على اتفاقية أوسلو للسلام) أثبت أنه لا يُمكن توقع التوصل إلى أي حل وسط في المدى المنظور بين الفلسطينيين والإسرائيليين. تبعا لذلك، فقد حان الوقت لفرض حل أحادي الجانب.. حتى وإن انتُهكت مبادئ القانون الدولي.. وحتى وإن قُدّم تبرير لكل السّلطويين المقتنعين بأن القوة تنتهي بفرض قانونها في نهاية المطاف”.

كاتب الافتتاحية أضاف “صحيح أن وضعية التأزم العام في المنطقة لم تكن أبدا بمثل هذه الإيجابية لإسرائيل ولأمنها. وذلك، بغض النظر عن تهديدات إيران وعن الضغط النسبي الممارس من طرف قواتها في سوريا أو الموالين لها في لبنان”.

فبعد العراق في تسعينيات القرن الماضي وفي العشرية الأولى من الألفية الثالثة، تحولت إيران – كما يقول كاتب الافتتاحية – إلى “جوهر محور الشر، مُعبّئة بذلك الجزء الأساسي من استراتيجيات الثنائي الإسرائيلي – الأمريكي. ومع وصول قطب العقارات إلى السلطة، تراجعت فلسطين إلى مستوى المشاكل الثانوية، التي لا تتّسم بأي طابع استعجالي على الإطلاق”.

في الأثناء، “يُريد رجل الأعمال ترامب – الذي يخوض حملته لإعادة انتخابه – أن يظهر كصانع سلام، في نفس الوقت الذي يرغب فيه جزء من الأمريكيين في إقالته. وفي تزامن غريب، يجد مُقابلُه الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو، نفسه في وضعية مُماثلة. أما الزعيم الفلسطيني محمود عبّاس – الذي يُواجه احتجاجات ويُعاني من الإضعاف والعزلة – فهو لا يتوفر عمليا على أي وسيلة ضغط، بل إن الاحتجاج الشعبي المقموع من طرف الإسرائيليين، كما شاهدناه في غزة على مدى أشهر، لم يعد يُثير مشاعر أحد”.  

باسكال بايريسفيل اختتم تعليقه قائلا: “إذا ما استمرت الأمور على هذه الوتيرة، فإن السؤال يُطرح مُجددا: ما الذي سيتبقى من الأراضي الفلسطينية خلال خمسة وعشرين عاما؟”.

هناك جانب “إيجابي” في الصفقة..

في عددها الصادر يوم 29 يناير الجاري، خصصت صحيفة “لوتون” افتتاحيتها الرئيسية للموضوع وكتب لويس ليما تحت عنوان “شرق أوسط بدون زينة أو بلا بهرج”رابط خارجي يقول: بعد ثلاثة أعوام من الانتظار، كشف دونالد ترامب أخيرا عن “صفقة القرن” التي يُفترض أن تُسوّي مرة واحدو وإلى الأبد المسألة الإسرائيلية – الفلسطينية. هذه الخطة فضيحة، ومهزلة وسبّة للعقل. ولكن قد يكون لها أيضا جانب إيجابي إذا ما تمّ تطبيقها فعليا: ذلك أنها ستُوضح أخيرا الوضع في الشرق الأوسط بعد أكثر من نصف قرن من المُغالطات والمظاهر الخادعة”.

في سياق استعراضه لأهداف “صفقة القرن” هذه، قال كاتب الافتتاحية إن أولها بداهة “يتمثل في تقديم دفعة متبادلة بين صديقين (دونالد ترامب وبنيامين نيتنياهو) ربطا بشكل وثيق بين مصيريهما السياسيين… فبالنسبة لترامب، فإن كل ضربة يلعبها لفائدة إسرائيل مُربحة لدى قاعدته الانتخابية الانجيلية. أما بالنسبة لنيتنياهو، فإن الحصول على الدعم والمساندة من طرف القوة العظمى الأمريكية أمر جيّد دائما قبل بضعة أسابيع من موعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية المقبلة”.

لكن الخطة الأمريكية “تذهب إلى أبعد من هذه التسوية بين أصدقاء بكثير. فبطريقة مباشرة وبدون أي عُقد، يتعلق الأمر اليوم بتحقيق أكبر المكاسب في الأراضي الفلسطينية. وتبعا لذلك، فإن التحدي لا يتمثل في العثور على “سلام” للمنطقة بقدر ما يتمثل في الاستفادة من خمسين عاما من سياسة “الأمور الواقعة” التي تم تنفيذها بثبات لم يتغيّر على ظهر الفلسطينيين”.

تبعا لذلك، فقد أصبح التساؤل عن احتمالات “ضمّ المستوطنات الإسرائيلية، وغور الأردن بل حتى الجزء الأكبر من الضفة الغربية” غير مُجد، لأن ذلك “سيكون من الآن فصاعـدا وفقا لرغبات المنتصر الإسرائيلي”، إذا أن “صفقة القرن” – كما يرى لويس ليما – هي مسألة إسرائيلية – إسرائيلية من الناحية العملية، بل إنها سوف تُستخدم في أفضل الحالات للتحكيم بين رغبات مختلف فصائل اليمين الإسرائيلي وأقصى اليمين الذي يواصل – كما هو منتظر منه – طلب المزيد”.   

في المحصلة، يذهب الصحفي السويسري إلى أن “هذه الخطة تقول إن فلسطين جاهزة للاستلام حتى وإن كان الأمر لا زال يتطلب التوافق على التفاصيل”، ويضيف أن “هذه “الصفقة” تتضمن جانبا إيجابيا ولكن شريطة أن تكون هناك متابعة. فلتذهب تعويذة “دولتان تعيشان جنبا إلى جنب” إلى المزبلة، وليطوِ النسيان سلطة فلسطينية لم تعد تصلح لشيء منذ عقود… وبالفعل، فإن الوضع سيبدو – إذا ما تم تجريده من بهرجه – على حقيقته: شعب فلسطيني “تم ضمّه” عمليا منذ فترة طويلة والذي يجب عليه اليوم – بسبب غياب السيادة – أن يجتهد في المطالبة بحقوق مماثلة لما يتمتع به الإسرائيليون”. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية