مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“10 آلاف أم 100 ألف قتيل في حرب اليمن؟”.. “حماس تختبر حزم إسرائيل”

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
تابعت الصحف السويسريّة الصادرة هذا الأسبوع آخر تطورات قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتطرقت إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية في اليمن، كما سلطت الأضواء على المواجهات التي شهدها قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر تابعة للجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). swissinfo.ch

واصلت الصحافة السويسريّة الصادرة هذا الأسبوع متابعة تطورات قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي واهتمت ببعض تأثيراتها المحتملة على العلاقات بين برن والرياض. كما تطرقت إلى الأوضاع الإنسانية الكارثية في اليمن وتساءلت عن العدد الحقيقي لضحايا الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، وسلطت الأضواء على المواجهات التي شهدها قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر وعناصر تابعة للجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وما تلاها من تبادل للقصف بين الطرفين قبل التوصل إلى هدنة. 

صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”، تصدر بالألمانية في زيورخ، 14 نوفمبر 2018

“حماس تختبر حزم إسرائيل”

في مقالةرابط خارجي كتبها أولريش شميد، تطرق المختصّ بشؤون الشّرق الأوسط في الصحيفة إلى الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بعد سقوط أكثر من 400 صاروخ في وقت قصير على إسرائيل، حيث ردّت الأخيرة على ذلك بحزم، فهاجمت ليلة الثّلاثاء الماضي (13 نوفمبر 2018) بسلاح الجوّ أكثر من مائة معقل لحركة حماس والجهاد الإسلاميّ، حتّى في وسط مدينة غزّة، ممّا أدّى إلى مقتل ستّة أشخاص. أمّا على الطرف الآخر، فيذكر الصّحفيّ أنّ “صواريخ حماس خلّفت خسائر ماديّة كبيرة وأدّت إلى مقتل شخص في الأربعينيّات من عمره بعد إصابة أحدها لبيته في منطقة عسقلان، وإلى إصابة سيّدتين كانتا متواجدتين بالقرب من المنزل أثناء سقوط الصّاروخ عليه بجروح بليغة. أغلقت المدارس هناك ولكن سُمح للأشخاص بالقرب من أماكن سقوط الصواريخ بالحركة في إطار محدد”.

في مساء الثّلاثاء 13 نوفمبر، تمّ الإتّفاق على وقف إطلاق النّار ونقلت الصحيفة عن “موظف” مقرب من الحكومة الإسرائيلية أن حماس قامت بإبلاغ “أربع جهات مختلفة” رغبتها بوقف إطلاق النار كما أشارت إلى أن إسما عيل هنية، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية، وعد بأن “تُوقف حماس هجماتها في حال أوقفت إسرائيل هجومها الجوّيّ على غزّة”، بحسب الصّحيفة. وكان الفريق الوزاري الحكوميّ في إسرائيل قد صوّت بالإجماع “على إيقاف العداوات مع حماس”، ومن جهتها أعربت حركة حماس عن رغبتها في التوصل إلى “هدنة مع إسرائيل”. كما ذكّر شميد بالمحاولات والوساطة المصريّة التي لا تزال قائمة منذ شهور للتّوصّل إلى هدنة بين الطرفين. 

يرى شميد أنّ إسرائيل تهدف من خلال هذه الهجمات الأعنف من نوعها منذ عام 2014 إلى وضع النزاع مع حماس في المركز من أجل توصيل رسالة لمواطنيها مفادها أنّ “إسرائيل لا تسمح للمنظّمات الإرهابيّة بالهجوم على أراضيها”، في الأثناء، أشار أحد قادة الجيش في إسرائيل عن أنّ “الهجمات الأخيرة كانت بدقّة وجودة عالية بحيث تمّ التمكّن من تدمير معاقل لحماس في وسط مدينة غزة دون سقوط أيّ ضحايا بين صفوف المدنيّين”، بحسب ما جاء في الصّحيفة. فقد تمّ تدمير 6 مباني حكوميّة من بينها مبنى تلفزيون الأقصى، منبر حركة حماس. ويرى شميد أنّ “عدم التّوصل إلى حلّ ملهم من أجل هدنة بين الطرفين أمر واضح”، فلا تزال حماس تحاول إقناع أتباعها بأنّ “هجمات إسرائيل هي عبارة عن تدنيس للمقدّسات”، لكنّه لا يعتقد بأنّ ذلك سيفيد الحركة حيث أنّ “سكّان القطاع شاهدوا ما يكفي من هذه الميليشيا الإرهابيّة الفاشلة، التي لم تقدّم للمواطنين عبر سياستها منذ انتصارها على حركة فتح في عام 2007 إلّا البؤس”، حسب رأيه.

يؤكّد شميد أنّ “حماس تكون مخطئة جداً إذا ما اعتبرت أنّ لدى إسرائيل ضعف داخليّ عميق”. نعم هناك دائماً جدل في حكومة نتنياهو في كلّ مرّة يتمّ فيها تصعيد النزاع، وهناك أعضاء الحكومة الذين لا يتّفقون على تدمير القطاع في كلّ مرّة يتمّ فيها إطلاق الصّواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وأنّه من المعروف أنّ وزير الدّفاع ليبيرمان (الذي استقال لاحقان التحرير) يودّ توجيه ضربة قاضية لحماس، وأنّ نيتنياهو ورئيس الأركان آيزينكوت وغيرهم من الرتب العالية في الجيش لا يوافقونه الرّأي، ولكن “حتّى المعتدلين قد يفقدون صبرهم، فإن لم تغيّر حماس سياستها ستقوم إسرائيل بتوجيه ضربة قويّة، ومحاولة اغتيال قادتها”، بحسب شميد. ويلخّص الصّحفي السويسري رأيه في النّزاع القائم في غزّة كالتّالي: “ستهزم حركة حماس بسرعة كبيرة جدّاً في حال حدوث حرب حقيقية، فليس لديها أيّ موارد ولا طاقات، كلّ ما لديها لا يتجاوز الحيل والتّلاعب بالمواطنين في الدّاخل، وأنّ إسرائيل في المقابل لديها مصادر وطاقات لا تعدّ وتحصى”، كما يقول.

 صحيفة “تاغس أنتسايغر”، تصدر بالألمانية في زيورخ، 14 نوفمبر 2018

تأثيرات قضيّة خاشقجي على العلاقات السّويسريّة السّعوديّة

في صفحتها الإقتصادية، اهتمت الصحيفة بتحليل تداعيات قضيّة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي على علاقات سويسرا بالمملكة العربية السعوديّة. وفي مقال كتبه دومينيك فويسي، ورد أن اللجنة السويسرية المسؤولة عن إعداد معاهدة تجنّب الإزدواج الضّريبيّ بين سويسرا والمملكة العربيّة السعوديّة قررت بالإجماع بإيقاف مشاوراتها في هذا الصّدد إلى أن تقرر الحكومة الفدراليّة ما ستكون عليه طبيعة العلاقات مع الرياض وذلك على إثر مقتل الصّحفي السّعودي المعارض في قنصلية المملكة في تركيا يوم الثّلاثاء 2 أكتوبر الماضي. وكان من المنتظر أن تعرض اللجنة نتائج مشاوراتها على الحكومة في بداية شهر ديسمبر المقبل.

كاتب المقالة ذكر أن “ممثّلين عن الحكومة السّعودية اتّهموا زملاء لهم من رتب عالية بعدم اتّباع أوامر وليّ العهد محمد بن سلمان” (فيما يتعلق باغتيال خاشقجي)، إلّا أنّ هذا السيناريو مرفوض من قبل المراقبين الدّوليّين، أمّا الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون فقد “طالبا المملكة بالكشف الكامل عن خلفية ومسار جريمة القتل هذه”، بحسب فويسي دائما. كانت الحكومة الفدراليّة قد وقعت على معاهدة تجنّب الازدواج الضّريبيّ في فبراير الماضي وأرادت تقديمه في ديسمبر القادم إلى البرلمان، وبحسب اللجنة فقد رحّبت الكانتونات والنوادي الاقتصاديّة بالمعاهدة، فهي تساعد على تجنّب دفع الضرائب مرّتين وعلى تنظيم عمليّة الدّفع وتسهّل إدارة العلاقات الاقتصاديّة بين البلدين، بحسب الصّحيفة. في سنة 2016 بلغت استثمارات سويسرا في المملكة 900 مليون فرنك وهذا يشكّل معدّل زيادة بستّة أضعاف المبلغ في 2007، فالشّركات السّويسريّة توظّف 12.000 شخص في المملكة السّعوديّة، بحسب الصّحيفة.

فويسي دعّم كلامه باقتباسات لشخصيّات مهمّة من الوسط السّياسيّ في سويسرا، ونقل عن جون-فرانسوا ريم، رئيس اللجنة الإقتصاديّة التّابعة لمجلس النّواب (الغرفة السفلى للبرلمان) قوله: “علاقاتنا مع المملكة السّعوديّة مهمّة ولكننا نحتاج إلى وضوح في قضية خاشقجي”. أما بالنسبة لريغولا ريتس، رئيسة حزب الخضر، فالأمر لا يقبل النّقاش إذ أنه “من غير المقبول ممارسة سياسة اقتصاديّة خارجيّة مع بلد يدوس بأقدامه حقوق الإنسان”. أما بيات فالتي، عضو الحزب الليبرالي الراديكالي، فأعرب عن دعمه لقرار اللجنة البرلمانية، وقال: “من غير المستغرب أن تطرح أسئلة أساسيّة بسبب قضية خاشقجي، ويجب إيجاد أجوبة لها”، على حد قوله. 

صحيفة “لا ليبرتي”، تصدر بالفرنسية في فريبورغ، 14 نوفمبر 2018

“يجب التوقف عن بيع أسلحة إلى أطراف النزاع في اليمن”

في حوار أجراه سيفان بيرسون مع السيدة انطلاق المتوكل، وهي ناشطة حقوقية يمنية شاركت في تأسيس “مؤسسة تنمية القيادات الشابةرابط خارجي” (مقرها صنعاء) وتواجدت مؤخرا في برن بدعوة من طرف الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، وصفت الناشطة اليمنية المقيمة في صنعاء الأوضاع الإنسانية في بلدها بـ “الكارثة الحقيقية التي صنعتها يد الإنسان”، وأكدت أن “بقاء 29 مليون شخص على قيد الحياة يتعرض للتهديد”.

على المستوى السياسي، اعتبرت انطلاق المتوكل أن “رد فعل المجموعة الدولية ضعيف جدا”، وقالت: “يجب التوقف عن بيع أسلحة إلى أطراف النزاع وتطبيق القانون الدولي الذي يتعرض للإنتهاك”. ومن وجهة نظرها فإن “المجموعة الدولية قادرة على وقف الحرب من خلال الضغط على المتحاربين”، مضيفة “أود التوضيح أننا لسنا ضد العربية السعودية ولكن ضد العدوان الذي نتعرض له”.

في أجوبتها، اعتبرت السيدة المتوكل أن شروط التوصل إلى سلام دائم تتطلب “تحركا على عدة مستويات. فالضغوط الدولية لا غنى عنها لكن لا يجب الإستهانة بالآليات المحلية للوساطة بين القبائل، التي يُمكن أن تُسهم في تهدئة التوترات. وبشكل عام، يجب إعادة بناء الثقة ودفع الأجور وفتح مطار صنعاء لتوفير جرعة من الأوكسيجين للمدنيين. كما أن إدماج النساء في طاولة المفاوضات مسألة مهمة جدا”.

أخيرا، حثت الناشطة اليمنية السلطات السويسرية على “المطالبة بوضع حد لإمدادات الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة وإلى تقديم دعمها لمفاوضات السلام”، وقالت: “يجب على سويسرا أيضا أن تضغط من أجل وقف المعارك”. 

صحيفة “لوتون”، تصدر بالفرنسية في لوزان، 16 نوفمبر 2018

“أكثر من 10 آلاف قتيل في اليمن.. من يُصدّق هذا الهراء؟” 

في عمودها الأسبوعي، تساءلت ماري هيلين ميوتون Marie-Héléne Miauton “كم يبلغ عدد القتلى في حرب اليمن؟” وقالت: ” كيف يُمكن مثلا أن تظل وسائل الإعلام الرصينة، بغض النظر عن توجّهاتها سواء كانت من اليمين أو اليسار، وهي تنقل على مدى ثلاثة أعوام رقم عشرة آلاف قتيل غير المعقول في اليمن في الوقت الذي كانت نفس مقالاتها تقوم بالتعليق على أعداد مفزعة من الهجمات وعمليات القصف القاتلة؟”.

ميوتون واصلت قائلة: “كيف أمكن أن يصدر مثل هذا الرقم الفاقد للحياء طيلة هذه الفترة من الإحصائيات الأممية التي نجحت في القيام بهذا الإعجاز المتمثل في الإشارة إلى “عشرة آلاف قتيل على الأقل” فيؤ شهر أغسطس 2016 وفي شهر فبراير 2018 على حد السواء وكأن شيئا لم يحصل على مدى ثمانية عشر شهرا؟ كيف يُمكن أن يتقبل المرء أن أيّ مُراسل حربي ولا أي صحافي فضولي ولا أي هيئة تحرير متيقظة لم تبحث عن اكتشاف الحقيقة وإلى القيام بعمليات حسابية وإلى استجواب خبراء؟”.

من جهة أخرى، شهد هذا العام “استمرار صحف تُصنّف ضمن الأكثر جدية مثل “لوموند” (15 مايو) ولوفيغارو (28 أغسطس) ونفس صحيفتنا (لوتون) (يومي 14 أغسطس و6 سبتمبر) تداول عبارة “أكثر من عشرة آلاف قتيل” في الوقت الذي تتراوح فيه تقديرات الخبراء بين 100 و200 ألف ضحية. وكدليل على ذلك، تقدر منظمة الصحة العالمية اليوم أن “طفلا يموت كل عشر دقائق في اليمن لسبب كان يُمكن تجنبه بدون الحرب”.  

لذلك، تساءلت ماري هيلين ميوتون أيضا “ألم يكن يتعيّن (على وسائل الإعلام) شرح الأسباب الكامنة وراء المجاعة التي تتهدد “سبعة ملايين شخص أي ربع السكان” والكوليرا “التي أصابت مليون شخص”، والإعراب عن الإستنكار من خلال عناوين بارزة للحصار البحري والجوي شبه التام الذي فرضه التحالف (بقيادة السعودية والإمارات)الذي يحول دون وصول أغذية أو أدوية أو محروقات وهو ما ترى فيه منظمة “أطباء بلا حدود” (غير حكومية) تهيئة لمجاعة مخططة بما يرقى إلى ارتكاب جريمة حرب، وهي جريمة تشارك فيها الديمقراطيات الغربية التي تساعد الرياض”.  

في محاولة لفهم كيفية تعاطي وسائل الإعلام الغربية ذات المصداقية مع ما يحدث اليمن، كتبت ميوتون في ختام مقالتها: “هل يتعلق الأمر هنا بـ “أخبار مضللة” Fake News يتم نشرها عن وعي نتيجة موقف مؤيد للعربية السعودية التي تبدو مُحصنة من الملاحقة إلى الحد الذي يتم فيه التهوين باستمرار من تجاوزاتها داخل البلاد (معارضون يُعتقلون، يُجلدون، تُقطع رؤوسهم) وخارجها على حد السواء؟ لكن لا شيء يُمكن أن يُبرر هذا التواطئ مع التحالف السني المدعوم بشكل نشط من طرف الشقيق الأكبر الأمريكي وفرنسا والمملكة المتحدة، الذين لا يُفوتون الفرصة لإبرام صفقات أسلحة بالمليارات مع محمد بن سلمان الآمر باغتيال معارضه الصحافي جمال خاشقجي. يا لروعة الصداقات!”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية