مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“في مسعاي للإندماج لم أجد إلا من يصرفني عن هدفي بدعوى استحالة تحقيقه”

لاجئ سوري يقوم بأعمال بسيطة للحصول على بعض المال
محمد مسري يرسم على عربة لإيواء أغنام بحوزة أحد أصدقائه في ستايفا بكانتون زيورخ، من أجل كسب القليل من المال. وجاء محمّد وزوجته كوثر إلى سويسرا مع طفليهما كلاجئين في عام 2012. Copyright By Elisabeth Real

تعددت أسماء محاورينا واختلفت بلدانهم الأصلية، لكن مسيرتهم المهنية في سويسرا كثيرا ما تتقاطع، والعوائق التي اعترضت اندماجهم في هذا البلد متشابهة إلى حد بعيد. هذا ما يبدو جليا عند تصفّح التجارب المهنية للكثير من المهاجرين العرب الذين قبلوا مشكورين بتقديم شهاداتهم ورواية تجاربهم منذ وضعهم لأقدامهم في سويسرا كلاجئين طالبين للحماية أو كمجرّد مهاجرين. 

وما تجربة نعمت شاهرلي، طبيبة الأسنان السورية المقيمة في كانتون فاليه إلا واحدة من هذه القصص المؤثّرة جدا، وشهادة أخرى حيّة على ما تكابده طائفة من المقيمين العرب في سويسرا. فهل يوجد في سويسرا من يقدّم الدعم والمساعدة إلى هذه الفئات؟ هذا ما يحاول هذا المقال الإجابة عليه. ولكن لنتوقّف أوّلا عند تجربة هذه السيدة.

قصّة أخرى تذكّر بقصص سابقة

غادرت هذه السيدة الأربعينية سوريا في 2012 بسبب خلافات عائلية لها ارتباط بتطوّرات النزاع الذي يشهده هذا البلد منذ اندلاع ثورته في شهر مارس 2011، تلك التطوّرات التي زرعت نوعا من الإستقطاب الشديد داخل المجتمع السوري لم تنج منه حتى الأسر الصغيرة، حيث انقسمت أسرة شاهرلي بين مؤيّد للنظام ومعارض له. وقد اختارت هذه الأخيرة دعم التغيير في بلادها، فلما شعرت بالخطر يتهددها، انتقلت رفقة بعض عناصر أسرتها إلى لبنان ومنه إلى تركيا، بحثا عن السلامة والأمن الشخصيْين.

لكن هذا الخطر لم يتبدد حتى وهي خارج سوريا، حيث وصلتها تهديدات بالقتل، واختطاف أقرب الأشخاص إليها، ورغم طلبها الحماية من الشرطة التركية، لم تلاحظ تحسّنا في وضعها، فلجأت إلى تغيير سكناها مرات عدة في إسطنبول. وعندما تأكّدت بأن “اسمها على قائمة المطلوبين من النظام السوري، وتوجيه اتهامات خطيرة وزائفة إلى شخصها” على حد قولها، عندها قررت التوجّه إلى سويسرا عبر أثينا طلبا للحماية.

كان مطار جنيف بوابة دخولها إلى الكنفدرالية، حيث تقدّمت لأوّل مرة بطلب لجوء، أحيلت على إثرها إلى فالورب، مركز تسجيل اللاجئين في سويسرا الناطقة بالفرنسية، ومن هناك إلى قرية جبلية بكانتون فاليه، ثم بعد شهريْن إلى ضواحي مدينة مارتيني حيث التقتها swissinfo.ch منتصف شهر مارس الماضي. 

في البداية منحت هذه اللاجئة السورية ترخيص إقامة من صنف N (يمنح لطالبي اللجوء) ثم ترخيص إقامة من صنف F (يمنح للأشخاص الذين يقبلون بصفة مؤقتة إلى حين استقرار الأوضاع في بلدهم الأصلي). ومنذ ثلاث سنوات، تقيم نعمت شاهرلي في بيت صغير هو جزء من مركز لجوء عبارة عن مزرعة قديمة تبعد أقرب منطقة حضرية عنها 45 دقيقة مشيا على الاقدام، في غياب تام لأي وسيلة نقل عمومية او خاصة.  

رحلة اندماج صعبة

قبل وصولها إلى سوريا، كانت السيدة شاهرلي أمّا لثلاثة أطفال (طفليْن وبنت)، وتشتغل طبيبة أسنان في أحد الأحياء الراقية بدمشق. وتقول “قبل الثورة لو قالوا لي نعطيك قصر في أوروبا ما كنت لأخرج من بلدي. كانت ظروفي المادية جيّدة جدا. وبدل المنزل الواحد كان لديّ إثنان، وكنت أملك سيارة، وأولادي يتابعون دراستهم في مدارس خاصة”.  وتقول واثقة: “في الحقيقة ما كان فيه سوري طبيعي بيفكّر يخرج إلى أوروبا”. 

وتضيف متحدثة عن أوضاعها قبل الهجرة “كان دخلي الشهري يعادل دخل طبيب أسنان هنا في سويسرا”. لكنني الآن “مجبرة على الإقامة في هذه المنطقة المعزولة. وللوصول إلى اقرب محلّ تجاري او منطقة حضرية علي أن أقطع 45 دقيقة مشيا على الأقدام”.

مركز اللجوء حيث تقيم وتعمل اللاجئة نعمت شاهرلي
في هذه البناية، يُوجد مركز اللجوء في مدينة مارتيني بكانتون فاليه حيث تقيم وتعمل اللاجئة السورية نعمت شاهرلي swissinfo.ch

كأي مهاجر سوري التقته swissinfo.ch من قبل، انصبّت جهود نعمت شاهرلي منذ وصولها إلى سويسرا على البحث عن موطن شغل يكفل لها عيشا كريما، ويمكّنها من الحصول على إقامة تمنحها حرية الانتقال للإقامة في المكان المفضّل لها في سويسرا. 

تروي شاهرلي خطواتها الأولى في سويسرا فتقول “عندما وصلت إلى هنا اتصلت بقسم الإدماج المهني بكانتون فاليه، فطلبوا مني تحسين مهاراتي باللغة الفرنسية. وبعد 3 أشهر بدأت أتكلم الفرنسية نسبيا. وعندما سألتهم مساعدتي في عمل، عرضوا علي تدريب في مجال الإعلام، فقمت بتدريب استمر ستة أشهر، حصلت في نهايته على دبلوم . وعملت مع صحيفة ” صوت المهاجر” (تابعة لمؤسسة إيواء ورعاية اللاجئين بكانتون فو)، نشرت فيها مقالا عن الثورة السورية، ولكن بعد 7 أشهر توقّفت عن التعاون مع هذه الصحيفة لأنني شعرت بأنه هدر للوقت. بعد ذلك عرضوا عليّ تدريبا لتعلّم مهنة الحلاقة النسوية، وبعد اكمال هذا التكوين، حصلت أيضا على دبلوم في المجال. في الاثناء كنت أشتغل في مطبخ مركز اللجوء الذي كنت ولا زلت أقيم فيه. فأنا موجودة هنا في منطقة معزولة، وبدل أن أبقى طول الوقت أفكّر فيما حلّ بي، وربما أصاب بمرض نفسي، كان العمل في هذا المطعم حلا بالنسبة لي. رغم أن يوم العمل يتواصل ثماني ساعات مقابل 15 فرنك لكامل اليوم. وأعمل من دون عقد عمل، ويوم أعمل اتحصل على مقابل ويوم لا أعمل لا أكسب شيئا. وإذا كانت لهم مناسبة وأرادوا اغلاق المطعم أفقد العمل مباشرة، ومن دون أي انذار مسبق أو تعويض  طبعا لم يكن هناك حل آخر”.

نسخة من شهادة الدكتوراه
نسخة من شهادة الدكتوراه التي تحصلت عليها اللاجئة نعمت شاهرلي قبل وصولها إلى سويسرا. swissinfo.ch

لكن جهودها لم تتوقّف عند هذا الحد، حيث تضيف: “حاولت أن أقوم بعمل في المجال الصحي، وبعد تلكأ عثرت على تدريب مؤقت لمدة أسبوعيْن في عيادة طب أسنان في سيون. لكن بعد انتهاء هذه الفترة، عدت أبحث عن تدريب مهني جديد، فقالوا لي هناك تدريب كعون صحّي غير متخصص (Auxiliaire de santé) في لوزان لمدة ستة أشهر. وبالفعل قمت بهذا التدريب وحصلت على دبلوم في هذا المجال”. بعد إكمالها لكل هذه التدريبات وفي عدة مجالات، عادت لدراسة اللغة لكن لحالها، وعيْنيها على  B2، وهو المستوى المطلوب لمن أراد الالتحاق بالجامعة ومعادلة شهائده العلمية السابقة. غير أن المسؤولين في مجال اللجوء رفضوا تمكينها من ذلك. وبالفعل قامت بفترة تدريبية كعون صحي غير مختص في مأوى للعجزة بفوفي. سرعان ما غادرت هذا العمل بعد أن شعرت بأنها مهنة صعبة وأنها غير مهيئة لعمل مثل هذا. ناهيك أنها هي نفسها في حاجة إلى الرعاية النفسية والاجتماعية. تقول” شهر فقط من العمل في مأوى العجزة تسبب لها في اكتئاب، ومرض”. ولديها شهادات طبية من أطباء مختصين في هذا المجال.

وبعد أن غادرت هذا العمل، طلبت إدارة اللجوء منها الإشتغال في مجالات تقول إنه ليس لديها أي معرفة بها مثل التنظيف والفنادق والمزارع،.. وهدف مؤسسة اللجوء حرمانها من المساعدات الاجتماعية التي تحصل عليها. عندئذ بات هدفها الأوّل معادلة شهاداتها العلمية، والإستفادة من ال22 عاما التي قضتها تشتغل طبيبة أسنان، لكنها تقول “في مسعاي هذا لم أجد إلا من يصرفني عن هدفي بدعوى استحالة تحقيقه” في معادلة شهاداتي لتعقّد الوضع القانوني في سويسرا”.

واليوم تبحث طبيبة الأسنان السابقة، والعاملة البسيطة اليوم في مطعم لمدة ثماني ساعات في اليوم مقابل 15 فرنك فقط، عن أيّ مهنة تكون بعقد عمل قانوني من أجل أن تحصل على ترخيص إقامة من صنف B لكي تتمكنّ من مغادرة كانتون فاليه الذي لم تعد ترى فيه أي فرصة للخلاص من وضعها الحالي. وبالفعل بلغنا قبل فترة قصيرة من النشر أن السيدة نعمت شاهرلي وجدت عملا جديدا في مأوى للعجزة بمدينة فوفي وقد أمضت عقد عمل مما سيساعدها على الإنتقال للعيش في كانتون فو.

جهود كثيرة تُبذل لإنجاح اندماج اللاجئين

خلصت هذه اللاجئة السورية، مثلها مثل عدد كبير من المقيمين العرب في سويسرا الحاملين لإقامة من صنف F، إلى يقين بأن النظام السويسري، على المستويْين الكانتوني والوطني لا يرغب حقا او لا يساعد بما فيه الكفاية في ادماج اللاجئين، بل العديد من القوانين والإجراءات المتبعة توحي بعكس ذلك. رغم كل ذلك، تبذل كل من الكنفدرالية والعديد من الكانتونات جهودا كبيرة من أجل تيسير اندماج المهاجرين واللاجئين في سوق العمل السويسرية. بل هناك من المؤشرات ما يدلّ على أن الجهات الرسمية في سويسرا لا تدّخر جهدا لابتكار أساليب جديدة لدمج اللاجئين في المجتمع.

جهود على المستوى الوطني

من هذا المنطلق تم تأسيس مؤتمر التجمّعات الثلاثة (الحكومة والكانتونات، والبلديات) لتعزيز التعاون بين مختلف المستويات. ودائما على الصعيد الرسمي، أطلقت الحكومة السويسرية مشروعا رائدارابط خارجي في عام 2017 خصصت له ميزانية بلغت 54 مليون فرنك ويرمي إلى دمج اللاجئين المُعترف بهم والحائزين على إقامات مُؤقتة في سوق العمل عبر مساعدتهم على إتقان اللغة ودعم انخراطهم في برامج للتكوين المهني. ومن خلال هذا التمشي، تهدف برن إلى تخفيف العبء الذي تمثله تكاليف المساعدات الإجتماعية على الموازنة العامة للكنفدرالية عبر التسريع بإدماج الأشخاص المتحصلين على حق اللجوء في سوق العمل.

في الوقت ذاته، تؤكد السلطات السويسرية على أهمية التعاون مع المجتمع الأهلي لدمج اللاجئين. ويشير غي مورين، رئيس حكومة كانتون بازل ورئيس مؤتمر التجمعات الثلاثيةرابط خارجي إلى أن الدولة تلعب دورا هاما في دمج الأجانب لكنها لا يُمكن أن تحل محل التواصل المباشر مع السكان، مؤكدا على ضرورة العمل التطوعي لأن الدولة توفر فقط البنية التحتية لجعل اللقاء ممكنا. 

ومن هذا المنطلق تتعاون المؤسسات الحكومية مع العديد من المنظمات والمبادرات الأهليةرابط خارجي في هذا المجال. ولا يخلو كانتون في سويسرا من جهود محلية لمساعدة اللاجئين وأصحاب الإقامات المؤقتة على الإلتحاق بسوق العمل وعلى تحقيق استقلالهم المادي وتحقيق مستوى معيشي ونفسي أفضل. (أنظر المقال المرافق للزميلة مي المهدي).  

المزيد

المزيد

سويسرا تبتكر طرقا جديدة لدمج اللاجئين في المجتمع

تم نشر هذا المحتوى على من تطبيق الكتروني للتعرف على الحياة في سويسرا.. إلى برامج للتأهيل المهني.. وحتى تنظيم مباريات الدوري للعب الورق.. وتوفير فرص لتعلم اللغة مع رعاية الأطفال بالمجان، يبدو وكأن السويسريين لا يدخرون جهدا لابتكار أساليب جديدة لدمج اللاجئين في المجتمع، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. لعل مفهوم الإندماج واحد من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في…

طالع المزيدسويسرا تبتكر طرقا جديدة لدمج اللاجئين في المجتمع

جهود وحدة الإدماج والتطوير بكانتون فو

ففي كانتون فو على سبيل المثال، نجد وحدة الإندماج والتطوير التابعة لمؤسسة إيواء ورعاية اللاجئين (  رابط خارجيEVAMرابط خارجي)رابط خارجي والتي تهدف على حد قول فريديرك ماج، رئيس هذه الوحدة إلى “مساعدة طالبي اللجوء، والمقيمين بشكل مؤقت في مسعاهم للاندماج في سوق العمل، وتحقيق استقلالهم المادّي، والحفاظ على صحتهم البدنية والنفسية”.

ولتحقيق ذلك، تعدد بريجيت ترولي ميغروس، المسؤولة عن البرامج والأنشطة بهذه الوحدة، ثلاثة أصناف من البرامجرابط خارجي: برنامج سابق عن التوظيف غايته اعداد المهاجر للإنخراط في المجال المهني، وله علاقة مباشرة بسوق العمل في مجالات محددة هي الطبخ، والتنظيف، والصحة، والدهانة. وهذا التكوين معترف به في الدوائر المهنية. وبرنامج منفعة جماعية موجّه للمهاجرين، والفكرة التي ينطلق منها هذا البرنامج هو أن المهاجرين يملكون من الكفاءات والمهارات ما يمكن أن يحقق منفعة للمهاجرين الآخرين (الترجمات الفورية أو المكتوبة، والمساعدات البيداغوجية، ودروس تعلّم اللغة، والوساطة الثقافية في رياض الأطفال،…).

أما البرنامج الثالث، فيتعلّق بتدريبات وأعمال ذات منفعة عامة، يتم تنفيذها عبر شراكات بين مؤسسة إيواء ورعاية اللاجئين بكانتون فو وعدد من البلديات، أو الجمعيات المدنية أو الثقافية في مجالات كالمسرح والرقص وحماية البيئة،..

وعن جدوى وفعالية هذه البرامج، يقول رئيس وحدة الاندماج والتطوير فريديريك ماغ: “نستطيع أن نقيس جدوى هذه البرامج من خلال عدد المستفيدين الذين يجدون عملا بعد انتهاء فترات التدريب، وكذلك عدد الذين بفضلها يحققون استقلالهم المادي، ويغادرون قائمات المستفيدين من المساعدات الاجتماعية، وأيضا من خلال الأثر النفسي والاجتماعي الذي يتركه العمل ضمن فريق، أو الخروج من العطالة والبطالة”.

في سياق متصّل، تضيف مسؤولة هذه البرامج بريجيت ترولي ميغروس: “يظهر التقييم الذي نقوم به عقب انتهاء دورات هذه البرامج أن المستفيدين راضون جدا على التدريب الذي تلقوه، ويقولون إنه كان لهذه البرامج أثر إيجابي على صحتهم. فمجرّد وجود برامج تشغل وقتهم، تساهم في تبديد الشعور بالوحدة لديهم، ويعوّضه شعور بالإنتماء إلى فريق. ناهيك عن الفرص التي تتيحها لهم هذه البرامج سواء من حيث تشبيك علاقاتهم بالآخرين، أو تحسين مستوى اتقانهم للغة”.

جهود منظمة الإغاثة البروتستانتية

في هذا المجال، تنخرط كذلك منظمة الإغاثة التابعة لفدرالية الكنائس البروتستانتية (HEKS/EPER) بقوة، ويرى أوليفيه غرا، رئيس قسم الإتصال لهذه المنظمة بسويسرا الناطقة بالفرنسية أنه من المهمّ جدا بالنسبة لمنظمته “أن يتاح لكل شخص في المجتمع تحمّل مسؤوليته في الحياة، ومن خلال مشروعاتها، تسعى المنظمة إلى تمكين الأشخاص بغض النظر عن أصولهم، سويسريين أو أجانب، من أن يعيشوا حياتهم بشكل مستقل، ومن تقليل المخاطر الاجتماعية التي قد تواجههم، وحمايتهم من السلوكات التمييزية والمعاملات غير العادلة، بما يساعد كل شخص على أن يكون قادرا على المشاركة بنشاط في الحياة الاجتماعية، لتأكيد حقوقه والوفاء بإلتزاماته”. 

ولكن كيف يمكن بلوغ إلى ذلك؟، يجيب مسؤول الاتصال بمنظمة الإغاثة البروتستانتية: “عبر تمكين اللاجئين وأصحاب الإقامات المؤقتة، والفئات المعرّضة للتمييز من الوصول بسهولة إلى المشورة والمعلومات الضرورية وعبر اكتساب المؤهلات وبناء الثقة في النفس وتشبيك العلاقات”. ولكن أمام سعة هذا المجال وكثرة متطلباته، يضيف السيد غرا: “تركّز منظمة الإغاثة البروتستانتية جهودها على الموضوع التي تمتلك فيها الخبرة والتجربة الكافية: الإدماج المهني، والمرافقة في الحياة اليومية، وتنظيم دورات في اللغة، والوساطة متعددة الثقافات، والترجمة التواصلية، وتيسر العلاقة بين الآباء والأبناء، وكل القضايا ذات العلاقة بالهجرة والتقدّم في العمر”. 

ولكن إذا ما ركّزنا انتباهنا على الإدماج المهني للاجئين والمقيمين بشكل مؤقّت أو حتى المقيمين بطريقة غير شرعية، نجد أن منظمة الإغاثة البروتستانتية قد أطلقت مثلا مشروع “موزاييك”رابط خارجي في ست مناطق سويسرية، وعن هذا المشروع يقول أوليفييه غرا: “يوفّر “موزاييك” في هذه المناطق المختلفة، الدعم الفردي للمهاجرين القادمين من بلدان من خارج الإطار الأوروبي، ولديهم خبرات ومهارات سابقة، بما يمكنهم من تأكيد مهاراتهم تلك والإستفادة منها في سوق العمل السويسرية”.

وعن جدوى وفعالية هذا البرنامج، يضيف مسؤول الإتصال: “أدّى هذا المشروع الرائد الذي أنجزناه بين عامي 2013 و2018 بتكليف من أمانة الدولة لشؤون الهجرة إلى تثمين الخبرات والمهارات المهنية للمهاجرين، إذ أن أكثر من 70% من هؤلاء الأشخاص الذين استفادوا من هذا الدعم إما حصلوا في النهاية عن وظيفة أو تمكنوا من الشروع في تدريب في مجال اختصاصهم، وفي توافق مع ما يحلمون به كمستقبل مهني”. وبرأيه هذه الأرقام محفّزة جدا، وهو ما شجّع هذه المنظمة إلى دعوة الكانتونات مثلا إلى الاقتداء بالمقاربة التي اعتمدتها هذه المنظمة في تضليل العقبات التي تعيق وصول اللاجئين والحاملين بترخيص إقامة من نوع F إلى سوق العمل وبالتالي إلى حياة كريمة في سويسرا. وربما تجد سويسرا أيضا بهذه الطريقة حلا مجديا لفقدان اليد العاملة الكفأة الذي تعاني منه العديد من القطاعات الإقتصادية في هذا البلد، هذا ما تبيّنه هذه الدراسة.رابط خارجي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية