مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قضية الخطيب الليبي في مدينة بيل/بيان تتفاعل

باب المبنى الذي يُوجد فيه مسجد الرحمان في مدينة بيل / بيان
صورة التقطت يوم 23 أغسطس 2017 لباب الدخول إلى مسجد الرحمان في مدينة بيل / بيان (كانتون برن)، الذي يلقي فيه الإمام الليبي أبو رمضان المثير للجدل الخطبة من حين لآخر. Keystone

من المحتمل أن تتخذ السلطات في مدينة بيل /بيان وفي كانتون برن بعض الإجراءات العقابية بحق إمام ليبي الأصل يُشتبه في استخدامه لعبارات مثيرة للكراهية في سياق خطب ألقاها في أحد مساجد المدينة. وفي هذا الإطار، تدرس السلطات إمكانية رفع شكوى جنائية ضده أو التدخل بشكل مباشر في المسجد المعني بهذه القضية. وبعد أن فقد أبو رمضان بداية الشهر الحالي صفة اللاجئ، تتجه السلطات المعنية للنظر في إمكانية ترحيله من سويسرا إلا أن عددا من الخبراء استبعدوا ذلك في الوقت الحاضر على الأقل.

المزيد
رجل يرتدي ثوبا أبيض اللون يُلقي خطبة أمام مصدح

المزيد

تحقيق إعلامي حول خطيب متهم بـ”الدعوة إلى الكراهية” يثير الجدل في سويسرا

تم نشر هذا المحتوى على وقد حصل برنامج روندشاو Rundschau الإخباري على تسجيل للواعظ أبو رمضان يقول فيه: “اللهم عليك بأعداء الملة والدين. اللهم عليك باليهود، وبالصليبيين الحاقدين وبالهندوس، وبالروس وبالشيعة الرافضة” خلال خطبة ألقاها في مسجد الرحمان بكانتون برن.  وقد نقل عن الإمام قوله: “إن من يصادق كافرا هو ملعون إلى يوم القيامة”. واقترح أيضا ألا يخضع المسلمون إلى القوانين…

طالع المزيدتحقيق إعلامي حول خطيب متهم بـ”الدعوة إلى الكراهية” يثير الجدل في سويسرا

في معرض تعليقه على المعلومات التي أوردتها يوم 23 أغسطس الجاري صحيفتا “در بوند” و”تاغس أنتسايغر” بعد أن عرضها مساء 22 أغسطس برنامج “روندشاو” الإخباري بالقناة العمومية للتلفزيون السويسري الناطق بالألمانية، أوضح بيات فويرر، مدير العمل الإجتماعي والأمن في مدينة بيل/بيان في تصريحات أدلى بها إلى وكالة الأنباء السويسرية SDA – ATS، أن السلطات أخذت علما بهذه الوضعية منذ يوم 11 أغسطس.

وسائل الإعلام الثلاث اتهمت الإمام – وهو مواطن ليبي يبلغ 64 عاما من العمر قدم إلى سويسرا في عام 1998 كطالب لجوء – الذي يقيم في بلدية نيداو المجاورة لمدينة بيل /بيان باستخدام تعابير تدعو إلى الكراهية والشحناء ضد أشخاص ينتمون إلى معتقدات أخرى في الخطب التي يلقيها في مسجد الرحمان بنفس المدينة. إلا أنه نفى ذلك عن طريق رسالة بعث بها عن طريق محاميه. 

من جهته، صرح آريخ فيهر، عمدة مدينة بيل/بيان في تصريحات أدلى بها إلى القناة الرئيسية الناطقة بالألمانية للتلفزيون العمومي السويسري، أن الإمام يستغل المجتمع الليبرالي من أجل “بث الشقاق”. وفي رده على سؤال حول ما إذا كان الأمر يتطلب سحب ترخيص الإقامة الممنوح له، أجاب المسؤول المنتخب (من الحزب الإشتراكي): “نحن جميعا مقتنعون بذلك”، وأضاف أن تكوينا في سويسرا (موجها لفائدة الأئمة والخطباء – التحرير) يُمكن أن يُعيد ارتباط بعض الأئمة بأوضاع المسلمين الذين يعيشون فيها.

سحب صفة اللاجئ وإجراءات للتثبت 

على صعيد آخر، أفاد كانتون برن أنه سبق لكتابة (أو أمانة) الدولة للهجرة أن منحت الإمام صفة اللاجئ في عام 2001، إلا أنها قررت يوم 3 أغسطس الجاري إلغاء القرار وسحب صفة اللاجئ عنه لأنه تحول في العديد من المناسبات إلى بلاده، كما يبدو أنه يتوفر على جواز سفر ليبي. ومذ اللحظة التي يدخل فيها قرار كتابة الدولة حيز التطبيق، فلن يكون الرجل خاضعا لقانون اللجوء بل لبنود القانون الفدرالي الخاص بالأجانب. وعندها، تعتزم السلطات المعنية في كانتون برن البحث في “التدابير اللازمة”. وللعلم، فإن الإمام المعني متحصل على ترخيص إقامة طويلة الأمد (من صنف C)، وهو ما من شأنه – حسب عدد من خبراء القانون – أن يُعقّد أي محاولات لاتخاذ قرار مستعجل بترحيله من سويسرا. 

في مدينة بيل / بيان، كلّف بيان فويرر مجموعة الخبراء المعنية بالتوقي من التطرف والعنف بإجراء عمليات التثبت الضرورية واقتراح إجراءات عملية. أما على المستوى القانوني، فمن المحتمل أن تفكر السلطات، إذا ما اقتضى الأمر ذلك، في رفع شكوى جنائية. تجدر الإشارة هنا إلى أن سلطات مدينة بيل/بيان غير مختصة حينما يتعلق الأمر بالتدابير المرتبطة بحق اللجوء أو بالتشريعات الخاصة بالأجانب. ومن المنتظر أن تُعلن سلطات المدينة يوم الجمعة 25 أغسطس الجاري عن إنشاء “هيكل اتصال للوقاية من التطرف والعنف”.

مساعدات اجتماعية

في الأثناء، أكدت بلدية نيداو، التي يُقيم فيها هذا الإمام، أن الرجل كان يتلقى المساعدة الإجتماعية. وطبقا للإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطق بألمانية SRF، فقد تلقى المواطن الليبي وأفراد عائلته تبعا لذلك 600 ألف فرنك خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية.

من جهتها، أعربت السلطات المحلية في نيداو عن تأييدها لإجراء تحقيق فوري بشأن الإتهامات الموجّهة إلى هذا الإمام الليبي، لكنها حرصت على التذكير بأن دفع علاوات المساعدة الإجتماعية مسألة مستقلة عن المعتقدات الشخصية طالما أنها لا تندرج تحت طائلة القانون الجنائي.

ردود فعل واسعة

بطبيعة الحال أثارت هذه القضية موجة عارمة من ردود الأفعال سياسيا وإعلاميا وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. ففي افتتاحية صحيفة لوماتان (تصدر بالفرنسية في لوزان) ليوم الخميس 24 أغسطس، اعتبر سيمون كوخ أن الأمر الأكثر إثارة للصدمة في هذه القضية يتمثل في “سلبية السلطات التي لم تر شيئا، بما أنها لم تقم بإجراء أي مُحاسبة والتي تستفيق اليوم مندهشة بعد أن علمت بتطرف الشخص”، وأضاف أنه “لا يجب على الدولة الديمقراطية أن تتسامح مع اللاتسامح باسم حرية التعبير أو الفوارق الثقافية. فالملائكية المُبالغ فيها لا تتمخض عن مجتمع أفضل. بل تؤدي – على العكس من ذلك – إلى تطرفه حتى الإنفجار الداخلي”.

من جهته، أعلن النائب محمد الحمداويرابط خارجي، العضو الإشتراكي في المجلس البلدي لمدينة بيل / بيان والنائب في البرلمان المحلي لكانتون برن أنه سيقترح منح علامة مميزة للمساجد التي يُمكن التردد عليها “تلك التي تكون ميزانياتها شفافة والتي يلتزم أئمتها بدولة القانون”.

في الأثناء، أدان رولاند لوتز، عضو مجلس بلدية نيداو ومسؤول الشؤون الإجتماعية فيها، ممارسات أبو رمضان وصرح لصحيفة 20 دقيقة المجانية أن “ما يقوم به هذا الرجل غير أخلاقي، فنحن نعطيه المال وهو يدوسنا بالأقدام”. أما أدريان امشتوتز، النائب البرلماني عن حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) فأعرل لنفس الصحيفة عن استغرابه من “إعطاء دعاة الكراهية مساعدات اجتماعية من الأموال الضريبية المكتسبة بشق الأنفس”. وطالب أمشتوتز بسحب تصريح الإقامة فورا ووقف المعونات الإجتماعية عن كل من يدعو إلى العنف والكراهية.

من ناحيتها، أوضحت انغريد هيس من المؤتمر السويسري للمساعدات الإجتماعية أن “السلطات السويسرية يُمكنها معاقبة الأجانب الرافضين للإندماج بتخفيض المساعدات الإجتماعية إلى نسبة 30%”. وفي حالات فردية “يمكن وقف المساعدات الإجتماعية تماما”. ولفتت هيس إلى أن مؤسسات الرعاية الاجتماعية غير معنية بالتحقق من مواقف الأشخاص الأيديولوجية، مشيرة إلى أن “المعتقدات الدينية لا تؤثر على فرص الحصول على المعونات”.

في السياق ذاته، حذرت ايفون فري من الحزب الإشتراكي من أي تخفيض في المساعدات الإجتماعية ومن تبعات إضعاف نظام الإعانة الإجتماعية بسبب حالات فردية. وأضافت أن “التغيير يعني أن ينتهي الحال بهؤلاء الأشخاص في الشارع”، متسائلة عن “جدوى ذلك”، كما جاء على لسانها في صحيفة “20 دقيقة”.


متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية